|
« ولأجل أن يقع التعليم والتربية مفيدين يجب التبكير في ذلك ، أي أنه يجب الاهتمام بالجوانب الفسيولوجية للطفل فقط منذ الأسابيع الأولى للولادة ، وبعد مضي عام واحد يجب أن يبدأ بالمسائل الروحية . إن قيمة الزمن ليست واحدة للطفل ولأبويه . إن يوماً واحداً في السنة الأولى أطول بكثير من يوم واحد في السن الثلاثين . وربما تبلغ الستة أضعاف بالنسبة لأكثر الحوادث الفسيولوجية والروحية . وعليه فيجب أن لا يهمل الدور الطفولي الخصب بلا إنبات . فمن المحتمل أن تكون نتيجة تنفيذ مقررات الحياة أكثر حتمية طوال الأعوام الستة الأولى من الحياة » (١) . |
يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام لولده الحسن : « إنما قلب الحدث كالأرض الخالية . ما ألقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك » (٢) .
إن قلب الطفل صفحة بيضاء ، لا يوجد فيها فكرة صحيحة أو خاطئة . والأباء والأمهات الشاعرون بالمسؤولية هم الذين يستغلون ذلك أقصىٰ الاستغلال ويجعلون قلوب أطفالهم تتزين بالملكات الفاضلة والأخلاق الحميدة .
إن عواطف الطفل ومشاعره تظهر قبل عقله ، ويمكن الاستفادة من أحاسيسه قبل ذخائره العقلية بكثير . إن الأطفال في جميع أنحاء العالم يرسلون إلى المدارس بعد السنة السادسة ، ومن ذلك الحين تتفتح المواهب الفكرية للطفل ، في حين أحاسيسه ومشاعره تبدأ بالنشاط قبل ذلك بزمن طويل .
وفي الوقت الذي لا يفهم الطفل المسائل العلمية ولا يدركها ، يدرك القضايا العاطفية وتؤثر فيه كالحدة والغلظة ، اللين والرفق ، العطف
____________________
(١) راه ورسم زندكي ص ١١٨ .
(٢) نهج البلاغة ص ٤٤٢ .