الطفل بين الوراثة والتربية [ ج ١ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في الطفل بين الوراثة والتربية

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الطفل بين الوراثة والتربية [ ج ١ ]

قام ( صاحب الزنج ) في السنوات القليلة التي حكم فيها بأعمال إجرامية شديدة من إهراق الدماء البريئة وما شاكل ذلك حتى ذهب ضحية سيفه آلاف الرجال والنساء والأطفال . أما الذين قُدِّر لهم أن ينجوا بأرواحهم من طغيانه فقد كانوا يقضون النهار مختفين ، ويخرجون ليلاً بقلوب مليئة بالرعب والخوف للحصول على بعض الطعام . وقد عطلت الأعمال وتركت المزارع واستولى على الناس قحط شديد ، فاضطر الناس إلى أكل لحوم الكلاب والقطط وحتى أجساد الأموات فيما بعد . وكان يؤدي بهم الجوع أحياناً إلى أن يقتلوا الأشخاص المشرفين على الموت وأكل لحومهم والتاريخ يروي لنا قصه غريبة عن ذلك العصر . فقد وجدت إمرأة ماسكة رأساً مذبوحاً وهي تبكي ، فسألوها عن سبب بكائها . فأجابت أن الجياع كانوا مجتمعين حول أختها لتموت فيأكلوا لحمها ، وقبل أن تموت تماماً قطعوها وتقاسموا لحمها ، ولكنهم ظلموني فلم يشركوني في لحمها بل أعطوني رأسها فقط لأطعم منه . إن هذه المرأة كانت لفرط الجوع قد نسيت عواطفها فلم تفكر في قتل أختها ولم تتأثر لذلك . بل كان بكاؤها لعدم إشراكها في لحمها (١) .

وكذلك روح الإِنسان ، فهي حية بالغذاء الروحي ، فالإِنسان المحروم من التربية المعنوية والبعيد عن العلم لا يملك حياة انسانية أبداً . فهو في صورة إنسان لكنه في الواقع أخطر وأوطأ من أي حيوان مفترس .

طرق تغذي الجسم :

إن جسم الإِنسان يشبه قلعة محكمة الأسوار ، يحيط به الجلد كجدار يقوم حولها ، والعروق التي تعتبر بمثابة الطرق الرئيسية والفرعية في هذه القلعة لا ترتبط بالمحيط الخارجي ، أما المواد التي يحتاجها فأنها تدخل فيه بواسطة طريقين رئيسيين هما : الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي . إن البدن يتصل بالبيئة الخارجية عن هذين الطريقين فهو يتلقى بهما المواد الغذائية والعناصر الضرورية للحياة ويستمر في القيام بأعماله .

____________________

(١) تتمة المنتهى ص ٣٨٠ .