ومع أن الجسم يملك قوى دفاعية منظمة ، ويخضع الطريقان الآنفا الذكر لرقابة شديدة من جميع الجوانب ، فقد يصادف دخول المواد المضرة والخطرة من هذين الطريقين إلى الجسم ، فتؤدي إلى إضطراب الصحة وإحداث الأضرار العظيمة .
|
« تستمد المادة الغذائية التي يحملها الدم إلى الأنسجة من ثلاثة مصادر : من الهواء الخارجي عن طريق الرئتين ، ومن سطح الإِمعاء ، وأخيراً من غدد الأندوكرين . وجميع المواد التي يستعملها الجسم ، فيما عدا الأوكسجين تأتي عن طريق الإِمعاء سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة . . . ويكاد الجدار المعوي يحمي الجسم حماية تامة من غزو ذرات تخص أنسجة كائنات أُخرى ، وذلك بمقاومة تسرب البروتينات الحيوانية أو النباتية إلى الدم . ومع ذلك فأنه قد يسمح أحياناً لمثل هذه البروتينات بالدخول . . . » (١) . |
إن الجهاز الروحي للإِنسان ـ بما فيه من الروح ، والنفس ، والمخ والعقل ـ ليس متصلاً مع المحيط الخارجي بصورة مباشرة . فهناك طريقان رئيسيان تربطان من الجهة المعنوية بين البيئة الخارجية والجهاز الروحي للإِنسان ، هما : العين والأذن . فإن القسم الأكبر من الواردات الفكرية والتغذية المعنوية عند الإِنسان يحصل من هذين الطريقين . وكما وجدنا إمكان مرور المواد المضرة من حدود الإِمعاء وحويصلات الرئتين أحياناً بالرغم من وجود القوى الدفاعية التي تراقب الواردات الغذائية والتنفسية ، يشتد هذا الخطر بالنسبة إلى الواردات الفكرية والتربوية عن طريق العين والأذن بلا رقابة أو تمييز بين الصحيح والفاسد منها ، حيث تنفذ هذه الواردات بواسطة هذين الطريقين إلى النفس وتصل إلى أعماق الفكر وتؤثر آثارها الصالحة أو الفاسدة .
____________________
(١) الإِنسان ذلك المجهول ص ٧٥ ـ ٧٦ .