والإِمام الباقر عليهالسلام حين يتطرق لعلة حرمة الخمر يقول : « إنَّ مُدمِن الخمر كعابد وَثَن ، ويورثه الإِرتعاش ، ويهدم مروءته ، ويحمله على التجسّر على المحارم ، من سفك الدماء ، وركوب الزنا » (١) .
إن العوارض التي تصيب البدن من جراء شرب الدم يمكن قياسها أما قساوة القلب فلا يمكن فحصها في المختبرات . وكذلك أثر الكحول على الأعصاب والإِبتلاء بالخرف فأنه غير مخفي على العلماء ، ولكن لا يمكن مشاهدة المروءة والقيم الأخلاقية في المختبر .
إن التغذية تلعب دوراً أساسياً في المسائل الإِجتماعية في العصر الحديث . فالمؤسسات المختصة بهذا الموضوع والمجهزة بالوسائل العلمية المختلفة تفحص جميع جوانب الغذاء ، بأن لا يكون فاسداً ، وأن يكون الباعة أو الطهاة سالمين ، وأن تكون المطاعم مطابقة للشروط الصحية من كل جانب . . . وبصورة موجزة فأنها تعمل جهدها مستعينة بالوسائل العلمية والقوى التنفيذية الصارمة لكي تقف أمام تلوث الغذاء وفساده . فقد يصادف تسمم البعض من جراء تناول ( الدوندرمة ) وحينئذ تعمل جميع المؤسسات ، والناس يعترضون ، والجرائد تتحدث حول الموضوع ، البائع يوقف ويتحقق معه : لماذا صنعت الدوندرمة من حليب فاسد وسببت تسمم مئات الأفراد ؟ ! ! .
وإذا لم تكن قيمة التغذية الروحية أعلىٰ من قيمة التغذية المادية فهي ليست أقل منها . فمن الضروري أن يبذل الإِهتمام للغذاء الروحي بنفس النسبة من الإِهتمام بالغذاء المادي ، والذي يرغب في أن يكون سعيداً يجب عليه أن يلتفت إلى سلامة غذائه الروحي كالتفاته إلى سلامة غذائه المادي . إن خطر التسمم الروحي أشد بكثير من خطر تسمم الجسم ، فإذا تسمم ألف شخص في مدينة من جراء تناول طعام فاسد ولم تنجح علاجات الأطباء معهم وماتوا جميعاً فقد مات من تلك المدينة ألف شخص فقط . أما إذا أصيب ألف فرد في
____________________
(١) بحار الأنوار للمجلسي ج ١٤ ص ٧٧١ .