يمتاز المتقدمون في السن عن الأطفال في أنهم بفضل وجود العقل يملكون قوة دفاعية ، فمن الممكن أن يقيسوا الأشياء التي يسمعونها أو يقرأونها في الكتب بعقولهم ، فإن لم تكن صحيحة رفضوها . . . وبعبارة أُخرى يستطيعون طرد الغذاء العقلي الفاسد من المخ ويمتنعون عن هضمه . أما الطفل فلضعف إدراكه لا يملك قوة دفاعية تجاه المستوردات الفكرية الفاسدة ، فهو يتقبل كل كلام فارغ ، وكل عقيدة باطلة ، وكل أسطورة مسمومة ، وكل قول هدام . . . ويثبت ذلك في تفكيره وتستمر آثاره الفاسدة إلى مدى الحياة .
كثيراً ما تتأثر نفوس الأطفال بالإِيحاءات الجاهلة التي تصدر من الأبوين تجاه الطفل فينشأون ضعفاء جبناء ، أو كاذبين خونة . إن للإِعتقاد بنحوسة العدد (١٣) والتشاؤم من صوت البوم وما شاكل ذلك أصولاً ثابتة في أفكار بعض الناس ، وقد تظهر أحياناً بصورة عقدة نفسية تجعل الحياة جحيماً لا يطاق . أكثر هذه الأفكار الخاطئة يرجع إلى أيام الطفولة ومنشؤها التربية الفاسدة والتغذية الروحية المنحرفة .
يقول المسيح عليهالسلام في هذا الصدد : « بحقٍ أقول لكم : إنه كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذه مع ما يجده من شدة الوجع كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبارة ، ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب المال » (١) .
فالأطفال الناشئون على الأساليب التربوية الفاسدة لا يلتذون بحلاوة الفضلية التي هي الطعام اللذيذ لروح الإِنسان ، ذلك أن أرواحهم مريضة والمريض لا يلتذ بالطعام اللذيذ .
* * *
إلى هنا نكون قد إنتهينا من النقطة الأولى في الموضوع ، وهي البحث عن سلامة الغذاء ونظافته بكلا نوعية . والآن لننتقل إلى النقطة الثانية في
____________________
(١) تحف العقول ص ٥٠٧ .