ويسعى جميع الناس في سبيل إرضائها . . . فمثلاً ليست حاجة الإِنسان إلى الطعام والهواء والماء والنوم ، والميل الطبيعي للّعب عند الأطفال والغريزة الجنسية عند الشبان والشابات أمراً خافياً على أحد . هذا النوع من الميول يدركها جميع الناس . . . وبديهي أن مدى الإِستجابة لهذه الميول يرتبط بالإِرشادات الدينية والعلمية ، ولكن توجد في الإِنسان ميول أُخرى تكون مستترة وغير ظاهرة وحيث أنها كذلك فقلما يلتفت إليها . إن جميع الناس يعلمون أن الطفل يحتاج إلى الماء والغذاء ، ولكن القليل منهم يدرك ضرورة تنمية شخصية الطفل . إن الوالدين يدركان حاجة الطفل إلى اللعب والنوم ، ولكن قلما يدرك الوالدان حاجة الطفل إلى العطف والحنان إلى درجة ما أيضاً . إن أولياء الأطفال يتنبهون إلى سلامة القلب والكبد والكلية وسائر أعضاء جسد الطفل تنبهاً كاملاً ، ولكنهم لا يهتمون إلى السلامة الروحية والأخلاقية للأطفال بنفس الدرجة .
إن العناية بالميول الباطنية والرغبات النفسية للطفل وتوجيهها الوجهة الصحيحة تعد من المسائل الاساسية في التربية ، وإن رصيد القائمين على تربية الأطفال في هذا السبيل هو التعاليم الدينية والأساليب العلمية الصحيحة وإن إندحار وكبت أي واحد من هذه الميول الفطرية يؤدي إلى إيجاد عقدة في روح الطفل ، يظهر رد فعلها طيلة العمر في جميع مجالات الحياة ، ويسبب مئات الإِنحرافات والمآسي .
* * *
ونظراً لأهمية الميول الباطنية للطفل في موضوع التربية فسنحاول أن نفصل القول فيها في المحاضرات القادمة مع تضمين ذلك بذكر التعاليم الإِسلامية العظيمة في هذا الصدد ، وبيان دور الوالدين في القيام بهذه المهمة .
أما بحثنا في هذه المحاضرة فينحصر في بيان أن الإِرضاء
الكامل للميول الباطنية عند الطفل ، والإِهتمام بجميع جوانب شخصيته لا يحصل إلا في