وعلى العكس فإن الفتاة التي لن تتلق قدراً كافياً من الحنان في طفولتها ولم تشبع غريزتها الباطنية بحب الوالدين ، تملك روحاً ضعيفة جداً ، وبإمكان شاب مراوغ لبق أن يحرفها عن الطريق بإهدائه إليها باقة من الزهور ، وببضع كلمات دافئة . . . وبذلك يجني على عفتها وطهارتها وتسقط الفتاة إلى الأبد في هوة سحيقة من الفساد والإِنحراف ، أو تغسل العار بالإِنتحار .
لقد إنتشرت رياض الأطفال في المدن الأوروبية منذ عهد قريب ، وتقوم تلك المؤسسات برعاية الأطفال ، فالأمهات الموظفات وكذلك النساء اللاهيات اللاتي لا يردن أن يجدن مزاحمة من أطفالهن في مجالس الرقص والقمار والفساد ، يستغللن هذه الفرصة ، ويودعن أطفالهن في ( رياض الأطفال ) .
إن حياة الطفل في روضة الأطفال جميلة جداً بحسب الظاهر ، فهو يلبس الملابس النظيفة والأنيقة ويمشط شعره ، وقوامه رشيق ، إن روضة الأطفال تجهز بالوسائل الصحية اللازمة بالغرف مبنية على الأساليب الفنية والأسرّة مغطاة بالشراشف والطعام يحضر حسب المناهج الصحيحة ، والطفل يلعب بالمقدار الكافي ، وينام في الوقت المقرر ، وبصورة موجزة فإن جانباً مهماً من ميول الطفل ورغباته الروحية والجسدية يكون مضموناً.
لكنه توجد في أعماق الطفل عواطف ومشاعر لا تشبع في المحيط الإِجتماعي لروضة الأطفال ، فهناك فرق كبير بين علاقة إمرأة واحدة تشرف على مائة طفل ـ لغرض الإِنتفاع المادي فقط ـ بالطفل ، ولهيب الحب السماوي المودع في قلب الأم ، فلا توجد المناغاة الحارة التي تبعث الطفل على الرضا والإِنشراح إلا في حجر الأم ، أما في روضة الأطفال فلا .
إن الطفل الذي يعيش بين مائة طفل حياة غير مستقلة ، لا يدرك معنى للشخصية والاستقلال الفردي ، وهما من أبرز الخصائص الإِنسانية (١) إن
____________________
(١) ومن المناسب أن ندرج هنا
ما أوردته مجلة ( العربي ) في فصل ( دردشة ) تحت عنوان :