إنحصار سعادة اليتيم في توفير وسائل الحياة المادية من الطعام واللباس والمسكن فقط .
اليتيم إنسان قبل كل شيء ، ويجب أن تحيى فيه جميع الجوانب المعنوية والفردية ، وله الحق في الاستفادة من الحنان والعطف والأدب والتوجيه ، وكل ما يستفيد منه الطفل في حجر أبويه . اليتيم ليس مثل شاة في القطيع يذهب صباحاً إلى المرعى معهم ويرجع في المساء . إنه إنسان ويجب الإِهتمام بميوله الروحية وغذائه النفسي مضافاً إلى الرعاية الجسدية والغذاء البدني .
إن الرويات الكثيرة تصر على معاملة اليتيم معاملة بقية الأطفال في الأسرة ، وأن يقوم الرجال والنساء مقام الوالدين في رعاية اليتيم . لقد كان بإمكان الحكومة الإِسلامية في عصر الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم من الناحية المادية أن تنشىء في كل مدينة داراً لرعاية الأيتام وتصرف عليهم من بيت المال ، ولكن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفعل ذلك . لأن هذه المؤسسات والدور ناقصة من وجهة نظر التربية الكاملة من الناحيتين الروحية والمادية . فالأسرة فقط هي التي تستطيع أن تلبي نداء عواطف الطفل ، ولذلك فقد ظل يوصي الآباء والأمهات وأولياء الأسر بمنطق الدين والإِيمان بالمحافظة على اليتيم ، وأخذه إلى بيوتهم وإجلاسه على موائدهم ، ومعاملته كأحد أولادهم ، والسعي في تأديبه وإدخال السرور على قلبه بالعطف والحنان والمحبة .
لا شك أن تأسيس دور للأيتام وإكسائهم وإشباعهم ، عبادة إسلامية كبيرة ، ولكن مناغاة اليتيم والعطف عليه ، وتأديبه وتربيته عبادة أُخرى وقد خص الله لذلك أجراً وثواباً خاصاً .
وها نحن نعرض النصوص الواردة في حق اليتيم :
١ ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خير بيوتكم بيت فيه يتيم يُحسَنُ إليه ، وشرّ بيوتكم بيت يُساء إليه » (١) .
____________________
(١) مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج ١ ص ١٤٨ .