ارتكابها ـ أو لا يجدون في أنفسهم خوفاً من إرتكابها على الأقل ـ ظانين أنهم في حصن حصين عن الجزاء . ولقد رأينا كيف حدثنا التاريخ بالجريمة الكبرى التي ارتكبها عمر بن سعد في قتل الإِمام أبي عبد الله الحسين عليهالسلام حيث وقع أسير التفكير الخاطء الذي وجد نفسه ـ معه ـ في أمن من العقاب لكونه بطيئاً غير معجل ، ولذلك فقد سُمع يردد ـ « وهل عاقل باع الوجود بدين ؟ ! ! » . إذ أن إمارة ري كانت معجلة بينما جزاء يوم القيامة بعيد وآجل . . . وعليه فلا يجب ترك العاجل بالآجل .
بينما نجد القرآن الكريم يفند هذه الفكرة ، وينبِّه الناس إلى ضرورة توقي الجزاء الآجل ، كما لو كان عاجلاً بقوله تعالى : ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) (١) .
إن يوم الجزاء بعيد جداً في نظر المذنبين والمجرمين ، لكن الله يرى ذلك اليوم قريباً جداً . إذ لا تمضي مدة طويلة حتى يلاقي هؤلاء المجرمون جزاء ما اقترفوه . وبالرغم من طول المدى فإنه لا بد من وجود يوم يعاقب فيه الخارجون على سنة الله وحكمه .
إن جانباً من الأمراض الروحية والعصبية التي يصاب بها الناس ، ناتج من الإِنحرافات الخلقية وسوء القصد ، فالحسد مثلاً يفعل في بدن الحسود وروحه ما يفعله السرطان في الجسم ، والتكبر يولد في الإِنسان بعض الاختلالات الروحية وقد يؤدي إلى الجنون ، ولكنه قد لا تظهر هذه العوارض بسرعة بل تكون بطيئة وتدريجية .
وكثير من الشبان ينحطون إلى أسفل درك من الحضيض نتيجة الميوعة والتفسخ الخلقي . . . وأخيراً يؤدي بهم ذلك إلى الانتحار . وكم من رجل
____________________
(١) سورة المعارج ؛ الآيتان : ٦ ـ ٧.