|
إلى جميع أفراد البشر » (١) . |
لما كان فرويد قد آلى على نفسه أن ينظر إلى الإِنسان من زاوية الغريزة الجنسية فقط ، وإغفال بقية الجوانب فيه ، يرى في العامل الجنسي للآباء في هذه الأسطورة المزعومة سبباً لقتل الأب .
لقد قام فرويد بذكر مجموعة من المغالطات وسلسلة من الكلمات الباطلة على أساس هذه القبيلة الوهيمة والقتل الخيالي ، ولا يهمنا التطرق إليها جميعاً في بحثنا هذا ، غير أن محل شاهدنا منها هو موضوع قتل النفس.
تلخّص آراء فرويد في هذا الصدد : أنه لما كان ينكر وجود الجذور العميقة للوجدان الأخلاقي في روح الإِنسان ، ويتجاهل وجود التصور البدائي للخير والشر في أعماقه ، فإنه يفسر قضية قتل الأب بجهل الإِنسان بقبح قتل النفس وإن أبناء القبيلة كانوا واقعين تحت ضغط جنسي ، وكانوا يريدون الوصول إلى نساء القبيلة ، وكان وجود الأب مانعاً من ذلك . ولأجل تحقيق أغراضهم الجنسية أزاحوا المانع عن طريقهم وقتلوا الأب ثم انتبهوا إلى وجود موانع أُخرى في طريقهم وعرفوا أنهم لا يستطيعون الوصول إلى أمانيهم . فندموا على فعلتهم وصدر الأمر الذي مضمونه : « إنك سوف لا تقدم على القتل » . . . هذا الأمر انتقل إلى جميع أفراد البشر وتلقى الناس جميعاً موضوع القتل على أساس أنه فعل قبيح . فالحقيقة ـ في نظر فرويد ـ أن جذور قبح قتل النفس في عالم الإِنسان إستمدت من إعلان الأبناء المولعين بالجنس ، الذين قتلوا أباهم ثم ندموا على ما فعلوا .
ولنبدأ بتحليل أسطورة القبيلة وقتل الأب وأفعال الأبناء ، ليتضح صحة أقوال فرويد أو سقمها .
* * *
____________________
(١) المصدر السابق ص ٨٨ .