وتضرب الخائن ؟ . وإذا إجتمع أفراد القبيلة وأطلعوا على القضية ألا يسألون الخائن عن قبح فعله ؟ ألا يسمحون لتلك المرأة أن تأخذ حقها من الخائن ؟ ألا تدل هذه الردود الروحية على القبح الفطري للخيانة ؟ ! إن جواب فرويد على هذه الأسئلة كلها بالنفي . إنه يقول : إن الخيانة ليست من الناحية الفطرية فعلاً حسنا أو قبيحاً . ذلك لأن الإِنسان الأول لم يكن يدرك الحسن والقبح .
أما أتباع الرسالات السماوية ، وكثير من العلماء في الماضي والحاضر فانهم يرون أن قبح الخيانة ـ كسائر الوجدانيات ـ أصيل في بناء الإِنسان . إن الله تعالى وهب الإِنسان ثروة فطرية عظيمة لهدايته إلى الحياة السعيدة ، وليصل عن هذا الطريق إلى الكمال الإِنساني اللائق به . ولكن الإِنسان الحر والطليق من تلويثات الغرائز فقط هو الذي يستطيع أن يسمع نداء الفطرة . ويدرك الخير والشر .
يقول الإِمام عليهالسلام بهذا الصدد : « إن الله إذا أراد بعبد خيراً طيب روحه فلا يسمع معروفاً إلا عرفه ، ولا منكراً إلا أنكره » (١) .
لقد وجه الأنبياء إهتمامهم إلى الفضائل الأخلاقية التي لها جذور إلهامية وتكوينية في النفس الإِنسانية ، ولقد دعوا الناس في مناهجهم التشريعية إلى إحياء الفطرة الأخلاقية ، يقول الإِمام الصادق عليهالسلام : « إن الله لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة » (٢) . وفي حديث آخر : « لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فان ذلك شيء قد إعتاده ، فلو تركه استوحش لذلك ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته » (٣) .
هذا الحديث يرشدنا إلى البحث عن إنسانية الرجل في حياة وجدانه الأخلاقي ، فإن من يطفىء جذوة الفطرة في باطنه وينحرف عن الصراط
____________________
(١) إثبات الهداة ج ١ ص ٨٧ .
(٢) و (٣) سفينة البحار ، مادة ( صدق ) ـ ص ١٨ .