ولا يشفع له ، وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة » (١) .
إن نتيجة إتباع الميثاق الفطري الأخلاقي هو الهدوء النفسي والسكينة والإِطمئنان . إن اتباع الوجدان الأخلاقي يورث الفضيلة والتجلي الروحي وإن الإِنحراف عن الفطرة يسبب الضلال والفساد ، ولقد كان الأنبياء يبذلون الجهود العظيمة التي لا تعرف الملل ولا الكلل ليعرفوا الناس بفطرتهم ويزيحوا الأستار المظلمة للغرائز والشهوات عنها وليُحيوا الفضائل الإِنسانية فيهم . ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ) (٢) .
إن أيام الله هي أيام الخلقة والفطرة ، أيام الإِيمان والفضيلة ، فكان على النبي موسى عليهالسلام أن يذكّر الناس بتلك الأيام ويعلمهم نعمة الهداية الإِلٰهية التي كانت موجودة فيهم منذ اليوم الأول . فأنتم الذين تسعدون إن إتبعتم أوامر الإِلهام الألهي ، وتشقون وتعذبون إن خالفتم تلك الأوامر .
إن الوجدان الأخلاقي ثروة إنسانية كبيرة لتحقيق السعادة . فبالإِمكان وقاية الناس من الجرائم والمخالفات بإحياء الوجدان الأخلاقي فيهم ، وبذلك يمكن هدايتهم إلى الطريق المستقيم.
ولأجل التأكيد على ما نقول ، نسوق الحادثة التاريخية التالية شاهداً على ذلك :
« قال : سمعت غلاماً بالمدينة وهو يقول : يا أحكم الحاكمين ، أحكم بيني وبين أُمي. فقال له عمر بن الخطاب : يا غلام لِم تدعُ على أُمك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين انها حملتني في بطنها تسعاً وأرضعتني حولين كاملين فلما ترعرعت وعرفت الخير من الشر ، ويميني عن شمالي طردتني وانتفت مني
____________________
(١) المصدر نفسه ج ١٥ ص ٥١ .
(٢) سورة إبراهيم ؛ الآية : ٥ .