وأهوائه . وإن الغفلة عن دناء الضمير ، والإِنقياد التام للرغبات النفسية يمكن أن يؤدي في اللحظة الحاسمة إلى قلب حياة الإِنسان رأساً على عقب ويبعث على الإِنهيار والسقوط الذي لا يمكن أن يعالج بأية قوة .
وبهذا الصدد يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « كما من شهوة ساعة ، أورثت حزناً طويلاً » (١) .
قد يحتدم النزاع في باطن الإِنسان بين الميول النفسانية والوجدان الأخلاقي ، فان الشهوات والغرائز تهيج الإِنسان من جانب ، وتحثه على تحقيق رغباته اللامشروعة . بينما يقف الوجدان ـ من الجانب الآخر ـ في أتم القوة والفعالية مكافحاً ومعلناً معارضته الصريحة لارتكاب الجريمة .
أما عبّاد الشهوة والأفراد الحقراء الذين لا يهتمون بارتكاب الجرائم ، فانهم يصممون بسرعة ، ويحققون رغباتهم اللامشروعة مهملين نداء الوجدان .
وأما المؤمنون والعقلاء فانهم يسعون للتخفيف من ضراوة الميول اللامشروعة . ومن دون أي تردد يختارون الطريق الصحيح منزهين أذيالهم من التلوث بالجريمة والفساد ، ملبين نداء الوجدان .
ويقف على مفترق الطريقين طائفة تهتم بشؤونها الدينية والوجدانية بمقدار ما ، ولكن رصيدها الإِيماني ليس بالمقدار الكافي لمواجهة الميول اللامشروعة . فهؤلاء يقفون مترددين تتملكهم الحيرة ، فلا يستطيعون أن يغضوا الطرف عن الميول المتطرفة ويتخلوا عن اللذائذ المنافية للدين والوجدان شأنهم في ذلك شأن المؤمنين ، كما لا يستطيعون أن يصمموا بصورة حتمية على ارتكاب الجريمة شأنهم في ذلك شأن المنحرفين .
هؤلاء يتذرعون ببعض المبررات ، وبعض الأدلة الواهية لإِسكات ضمائرهم ، وهم يأملون أن يحققوا رغباتهم النفسانية من دون أي إضطراب
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٤٥١ .