ولقد صمم ابن سعد على ألا يستمع لنداء الوجدان ، ويتجاهل وجوده تماماً ، ولكن تجاهل الحقيقة لا يقدر على إزالة الحقيقة .
|
« إن ما لا شك فيه أن هذه الحالات ناتجة عن أن الإِنسان يمتنع عن سماع نداء الوجدان ، هذا الإِمتناع هو الذي يولد هذا التصور الخادع القائل بأنه لا يوجد وجدان . في حين أن الوجدان اليقظ قد لاذ بالوجدان المغفول » (١) . |
وأخيراً فقد صمم على إرتكاب الجريمة ، وأقدم على أعظم الذنوب أملاً في الحصول على حكومة الري . . . ولكن أسفرت النتيجة عن حرمانه من تلك الأمنية ، وهنا تناوشته الضربات القاضية من قبل الوجدان من جهة وحزَّ في نفسه إنهياره السياسي وفشله الإِجتماعي من جهة أُخرى . . . فوقع في أسر الأمراض الروحية والاضطراب النفسية وسلبت من راحته فأمر أن يمد فراشه طوال الليل والنهار ، فكان يستلقي في الفراش تارة ، ويتمشى في البيت أُخرى ويتخطى في الأزقة بلا إرادة ثالثة . . . وكانت عاقبته أن لاقى حتفه على يد أحد الضباط الثوار في ذلك الفراش ، وأنهىٰ حياته المشؤومة بهذا الوضع المزري .
* * *
إن أسعد الناس هو الذي يملك نفسه ويسيطر على رغباته ، لا يحوم حول الذنب ، يستمع إلى النداء الواقعي للوجدان بأذن الذكاء ، يعيش حياة ملؤها الهدوء والإِرتياح ، ويغادر الحياة بروح مطمئنة ونفس هادئة . . . ولكن المؤسف أن هؤلاء الأفراد هم الأقلية في كل مجتمع وأمة . . . فإن الأكثرية يقعون تحت أسر الأهواء والميول النفسانية ، ونجد أن الغرائز والشهوات تسيطر بقوتها القاهرة ، على أكثر طبقات المجتمع وتبعثهم على الإِجرام والدنس ! .
لقد فتح الأنبياء عليهالسلام أبواب الاستغفار والتوبة والكفارات على هؤلاء لإِنقاذ
____________________
(١) چه ميدانيم ؟ بيماريهاى روحى وعصبى ص ٦٦ .