يجب على المذنب أن يكون مطمئناً إلى رحمة الله الواسعة وراجياً لعفوه ومغفرته ، لأنه لو لم تكن فيه هذه الحالة النفسية والاعتقاد الواقعي لا يستطيع أن يزيل وصمة الإِجرام بالتوبة والإِعتذار ، ولا يتسنى له التخلص من تأنيب الضمير .
لقد وضع الإِسلام الناس في مركز وسط بين الخوف والرجاء فحث المستقيمين في سلوكهم على عدم الإِعتداء والعجب بالنفس ، وان لا يروا أنفسهم بمأمنٍ من عذاب الله لحظة واحدة ، وأوصى المذنبين أيضاً بأن لا ييأسوا ، بل يعمروا قلوبهم بالرحمة من الله دائماً .
يقول الإِمام الصادق عليهالسلام بهذا الصدد : « إن من الكبائر عقوق الوالدين ، واليأس من روح الله ، والأمن لمكر الله » (١) .
إن ميدان الخوف والرجاء في الروايات الإِسلامية واسع جداً ، فمهما كان المذنبون غارقين في المعاصي يجب عليهم أن لا ييأسوا من رحمة الله . يقول الإِمام أمير المؤمنين لولده عليهالسلام مذكراً إياه برحمة الله التي لا تتناهى ومغفرته التي لا تقف عند حدّ . . . « وأرجُ الله رجاءً إنك لو أتيته بسيئات أهل الأرض غفرها لك » (٢) .
فليس للمسلم المذنب أن ييأس من فيض رحمة الله ، مهما عظمت ذنوبه . . . ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ، لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٣) .
إن على المذنب بعد الإِقرار بالذنب ، ورجاء المغفرة ، أن يطلب العفو والغفران في كمال الصدق مظهراً ندمه الواقعي على أفعاله السيئة . وطبيعي أن
____________________
(١) الكافي للكليني ج ٢ ص ٢٧٧ .
(٢) مجموعة ورام ج ١ ص ٥٠ .
(٣) سورة الزمر ؛ الآية : ٥٣ .