كان أولئك يرون أن الأصل في الوصول إلى السعادة هو الكمال النفسي والتكامل الروحي ، يذهب هؤلاء إلى التمسك بالجانب المادي واعتبار الأهواء والرغبات المادية ملاكاً في معرفة السعادة . وعليه فالكمالات النفسية والسجايا الخلقية والفضائل تفقد أثرها على مذهب هؤلاء المتمدنين .
وبصورة موجزة ؛ فإن الإِفراط الشديد في الجانب الروحي ، والتفريط الشديد في الجانب المادي . . . اللذين كنا نشاهدهما عند فلاسفة العصور القديمة قد أنقلبا إلى العكس تماماً في المدينة الغربية المعاصرة . فأخذت بالافراط الشديد في الجانب المادي والتفريط الشديد في الجانب الروحي ، كرد فعل للنظرة السابقة . وهنا لا بأس بأن نتطرق إلى بعض تلك المبادىء بصورة إجمالية :
يعتقد العالم المتمدن اليوم ـ وفي المعسكر الشرقي منه بالخصوص ـ بأن السعادة منحصرة في التقدم الاقتصادي ، وإن مصير السعادة الإِنسانية مرتبط بمصير الوضع الإِقتصادي ، هؤلاء ينظرون إلى كل زوايا الحياة بمنظار الإِقتصاد ، ويعللون جميع المسائل الإِخلاقية والإِجتماعية والدينية والاعتقادية بعلل إقتصادية . . . فهم يقولون : ـ
|
« إن تغيُّر الأساس الإِقتصادي يزعزع كل البناء الفوقي والهائل علي صور مختلفة من السرعة أو البطء . . . هذا الانقلاب الذي يشاهد بالضبط الخاص بعلوم الطبيعة وبين الأشكال الحقوقية والسياسية والدينية والفنية والفلسفية أو بكلمة مختصرة ، الأشكال الفكرية التي يتصور فيها الناس هذا النزاع ويكافحونه . . . فينبغي تفسير هذا الوعي في المجتمع بالقوى المنتجة وعلاقات الإِنتاج . . . » (١) |
وكما وجدنا المرتاضين والمنخرطين في سلك المبدأ النفسي ينكرون
____________________
(١) المادية الديالكتيكية والمادية التأريخية ، تأليف ستالين . ترجمة خالد بكداش ص ٦٢ .