حس التتبع فيه ، ويأخذ في السؤال عن علل الأشياء ومنشأ كل منها ، فإن نفسه الطاهرة وغير المشوبة تكون مستعدة تماماً لتلقي الإِيمان بخالق العالم ، وهذه الحالة هي أشد الحالات طبيعية في بناء الطفل .
وعلى القائم بالتربية أن يستفيد من هذه الثورة الفطرية ، ويفهمه أن الذي خلقنا ، والذي يرزقنا ، والذي خلق جميع النباتات والحيوانات والجمادات ، والذي خلق العالم ، وأوجد الليل والنهار ، هو الله تعالى . . . إنه يراقب أعمالنا في جميع اللحظات فيثيبنا على الحساب ويعاقبنا على السيئات .
هذا الحديث سهل جداً وقابل للإِذعان بالنسبة إلى الطفل ونفسه فنراه يؤمن بوجود الله في مدة قصيرة ويعتقد به . بهذا الأُسلوب نستطيع أن نخلق في نفس الطفل حب النظام والإِلتزام ونحثه على الإِستقامة في السلوك وتعلم الفضائل الخلقية والملكات العليا بالتدريج .
إن للإِيمان بالله ـ وهو إحياء لأعظم قوة وجدانية عند الإِنسان ـ آثاراً ونتائج مهمة في « احياء سائر الفطريات الخلقية والمثل العليا ، وبإمكانه أن يخرج تلك الفطريات جميعها من مرحلة القوة إلى الفعلية بأحسن صورة وبعبارة أوضح نقول إن للإِيمان بالله أثرين مهمين : ( الأول ) : انه يعمل على احياء أعظم واقعية روحانية أي الفطرة العقيدية ، ويصب ركائز السعادة الواقعية للإِنسان . ( الثاني ) : إن جميع الفطريات الروحية والفضائل الخلقية تستيقظ في ظل القوة التنفيذية للإِيمان ، وتتحقق في الخارج :
ومهما بلغت قيمة الوجدان الأخلاقي ، ومهما خطر دوره في تحقق سعادة الإِنسان ، لكنه إذا لم يكن مستنداً إلى الإِيمان فلا يقوى على حفظ البشرية من التردي والسقوط . وكذلك سائر الصفات الصالحة إن لم يكن لها سند إيماني فانها تندحر أمام الغرائز والميول اللامشروعة في الصراع بينها .
لا شك في أن العالم ثابت على أساس من العلم
والنظام الدقيق ،