المصرف ، إنها لا تعلم بمدى ضخامة الأعداد التي تجيب عليها بسرعة . إن الآلة الحاسبة تؤدي عملها هذا تبعاً لقاعدة الجبر ، ولا تملك أي إرادة أو إختيار في ذلك . لكن تركيبها الدقيق والنظم يعد أكبر سند متقن وصريح على وجود مهندس عالم كون تلك الآلة بعلمه وقدرته ، وسيرها لأداء هذه المهمة .
كذلك القوانين الطبيعية في العالم التي لا تملك علماً أو إختياراً . وهي تكون دليلاً واضحاً وشاهداً على وجود الخالق الحكيم الذي أوجدها وعين لكل منها واجباً خاصاً .
ولقد رأينا كيف أن الإِمام الصادق عليهالسلام إستدل عن طريق القوانين الطبيعية على وجود الله تعالى واعتبر ذلك سنداً محكماً على إثباته .
إن الأثر الأول الذي يظهر من إحياء المعرفة الفطرية والإِيمان بالله والذي يقسم الناس إلى صنفين : مؤلهين وماديين ، هو نظرتهم إلى الكون فالإِلهيون يرون أن هذا الكون عبارة عن هيكل عظيم وضخم أسس بعلم الله تعالى وإرادته على أساس المصلحة والحكمة ، أما الماديون فيرون أن الكون عبارة عن مجموعة أوجدتها الصدفة العمياء الصماء ، بلا علم أو إختيار .
الإِلهيون يرون أن الإِنسان موجود ممتاز خلقه الله مع قابلية التعالي والتكامل الذي لا يقف عند حد وسوىّ له طريق التقدم في ظل العقل . أما الماديون فيرون أن الإِنسان وجد على أثر طائفة من العوامل الإِتفاقية وحصل على العقل عن طريق الصدفة ، وصار بهذه الصورة الحاضرة .
الإِلهيون يرون أن الوجدان الخلقي ثروة ثمينة
أودعها الله تعالى في باطن الإِنسان لضمان سعادته ، وأن الخالق الحكيم الذي هيأ لكل موجود ما يساعده في التكيف لظروف الحياة هو الذي منح للإِنسان هذه الطاقة الجبارة ( الوجدان ) ليميز في ظلها بين الخير والشر ، ويسير في طريق التعالي النفسي ، والتكامل