الروحي . أما الماديون فانهم يرون أن الوجدان الإِنساني يشبه الإِنسان نفسه في كونه وليداً للصدفة ، وواقعاً على سبيل الإِتفاق .
الإِلهيون يرون أن الإِنقياد إلى أوامر الوجدان إنما هو إنقياد للهداية التكوينية التي أوجدها الله الذي يحب الخير والسعادة للإِنسان ، وهم يرون أن الوجدان الأخلاقي قوة مقدسة ، ومشعل وضاء ، أشعله الخالق العظيم في باطن كل إنسان . ولذلك فانهم ينظرون إلى هذه الثروة العظمية التي هي منحة الله تعالى بعين التكريم والإِحترام . ويرون طريق الساعدة والفلاح منحصراً في تنفيذ أوامرها . أما الماديون فيرون أن الوجدان ـ وهو معلول للصدفة العمياء الصماء ـ لا يتصور له أي إحترام أو تقديس ولا ضرورة في تنفيذ أوامره أصلاً لأنه لم يوجد تبعاً للعلم والمصلحة .
إن ما لا شك فيه أن إحياء المعرفة الفطرية وسيلة لحسن تنفيذ سائر الفطريات . فالذين يؤمنون بالله إيماناً واقعياً ويعملون على إيقاظ الفطرة التوحيدية في باطنهم ، يصغون إلى نداء الوجدان الأخلاقي بدقة وينفذون أوامره ، لأنهم يرون فيه إلهاماً إلهياً ، وهداية نحو السعادة .
|
« إن أفراد البشر في أي سن كانوا ، يستجيبون للإِحساس في نشاطهم أكثر من إستجابتهم للمنطق ، وبذلك يطيعون قوانين الحياة الصارمة إذا وجدوها مظهراً لإِرادة الله تعالى لا قوة عمياء . . . برغبة أكثر . ولقد ثبت بالتجربة أن الإِنقياد إلى شخص واحد يكون أفضل بكثير من الإِنقياد إلى قاعدة . إن القوانين الطبيعية التي تخص حفظ الحياة ودوام التكاثر ، والتعالي النفسي تلقى سنداً ونفوذاً أكثر إذا استمدت إلى المشيئة الإِلٰهية » (١) . |
____________________
(١) راه ورسم زندكي ص ١٦٩ .