يتصور البعض إن إرتفاع المستوى الثقافي ، والتقدم في المدنية قادر على التخفيف من حدة الغرائز الثائرة ، والأخذ بيد الإِنسان إلى الفضيلة والكمال . . . غافلين عن أن قوة التمدن المادية ( أي العلم الفاقد للإِيمان ) عاجزة عن الوقوف أمام تيار الغرائز ، شأنها في ذلك شأن العقل والوجدان ذلك أن الغرائز والشهوات من القوة في سلوك الإِنسان بحيث إنها عندما تثور ، ويشتد ضرامها وتندفع كسيل منحدر من قمة جبل ، تدع العقل والعلم والوجدان كقطع الخشب والأحجار التي تنقلع لأول صدمة ، ثم تتقلب وسط الأوحال إلى أعماق الوادي .
ما أكثر المثقفين والعلماء الذين لا يملكون قوة الوقوف أمام تيار الميول الغريزية والرغبات اللاإنسانية ، ولا يستطيعون ضبط نفوسهم في تلك المواقف ! .
ما أكثر المثقفين الذين يستطيعون تأليف كتاب حول قبح الإِرتشاء وأكل أموال الناس بالباطل ، وإثبات فساد ذلك من الناحية الإِجتماعية والقضائية والإِقتصادية والسياسية والوطنية وغير ذلك من النواحي ، ولكنهم في مقام العمل وفي مرحلة التطبيق ، لا يتورعون من أخذ الرشوة ، ولا ينصرفون عن الدرهم الواحد ! .
ما أكثر المتمدنين الذين يعرفون أضرار الخمرة عن طريق العلم ويعرفون عوارضها المختلفة على الكبد والكلية والأعصاب والجهاز الهضمي ولكنهم لا يستطيعون الإِمتناع عن شربها حتى ليلة واحدة ! .
ولهذا فقد وردت أحاديث كثيرة في ذم العلماء لا يطبقون علمهم وينقادون لأهوائهم . . . منها :
١ ـ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « العلماء
عالمان : عالم عمل بعلمه فهو ناج ، وعالم