إن أجلى مثال للإِيمان وآثاره العجيبة يمكن مشاهدته في تاريخ الأنبياء إنهم قاموا في ظروف شديدة ومعقدة جداً ، مليئة بالأخطار والمشاكل ، وكانوا يتعرضون للموت في كل لحظة ، ولكنهم استمروا على بث دعوتهم بلا أي اضطراب أو قلق ، ذلك أنهم كانوا مؤمنين بالله وكانوا يرون أنفسهم في حماه وتحت كنفه .
ولقد تعلم إتباع الأنبياء دروس الهدوء النفسي من قادتهم فراحوا في ظل إيمانهم بالله أقوياء إلى درجة أنهم لم يتزعزعوا أمام الحوادث والمصائب التي يلاقونها ، فلا يقعون فريسة القلق والاضطراب . . . كان نظرهم متجهاً في الحرب والسلم ، في الفقر والغنى ، في الموت والمرض . . . وفي كل الحالات إلى الله تعالى ، متطلعين إلى رحمته وكرمه . وعلى سبيل المثال نذكر قصة هذه الإِمرأة المسلمة : ـ
« خرجت مع صديق لي بالبادية فأضللنا الطريق ، فإذا
رأينا في يمين الطريق خيمة فقصدناها فسلمنا ، فإذا امرأة ردت علينا السلام ، فقالت : من أنتم ؟ قلنا : ضالين قصدناكم لنأنس بكم . فقالت : أديروا وجوهكم حتى أعمل من حقكم شيئاً . ففعلنا ، فبسطت لنا مسحاً ، وقالت : إجلسوا حتى يجيء ابني وكانت ترفع طرف الخيمة وتنظر فرفعتها مرة ، فقالت : أسأل الله بركة المقبل ، وقالت : أما الناقة فناقة ابني ، وأما الراكب فليس هو . فلما ورد الراكب عليها قال : يا أم عقيل عظم الله أجرك بسبب عقيل قالت : ويحك مات عقيل ؟ ! قال : نعم . قالت : بما مات ؟ قال : ازدحمته الناقة وألقته في البئر ، فقالت له : إنزل وخذ زمام القوم . فقربت إليه كبشاً فذبحه وصنعت لنا طعاماً ، فشرعنا في أكل الطعام ونتعجب من صبرها فلما فرغنا خرجت إلينا وقالت : أيها القوم أفيكم من يحسن في كتاب الله شيئاً ؟ قلت : بلى ! « قالت : إقرأ علي آيات أتسلى بها من موت الولد قلت : الله عز وجل يقول : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ
إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ . . . الْمُهْتَدُونَ ) قالت : الله هذه