والمنع من الفوضى والمخالفات . . . ولا بد من معاقبة الخارجين على تلك الأنظمة لضمان حسن تنفيذها ، فالخوف من العقاب هو الذي يحث الناس على الإِطاعة . والنكتة الجديرة بالملاحظة إنه لا حساب ولا مقياس للعقاب في الحكومة الإِستبدادية ، فمن الممكن أن يؤدي إستياء بسيط للحاكم إلى إعدام مئات الناس الأبرياء هناك ليس العقاب على أساس الإِجرام أو الأحكام القضائية . بل الموضوع يقوم على طبق هوى النفس والميل الشخصي للحاكم . أما في حكومة العدالة والقانون ، حيث تحدد صلاحيات الحكام وأبناء الشعب حسب الأنظمة العادلة ، فلا مجال للأهواء والميول الشخصية للحكام في الأحكام الصادرة . . . هناك لا يخاف احد من شخص معين ، غاية ما هناك أن الشخص الذي يرتكب جرماً يعاقب على أسس قضائية صحيحة وعادلة متناسبة مع جريمته .
وبعبارة أُخرى : إن منشأ الخوف عند الناس في الحكومة الإِستبدادية هو الظلم والتعسف والإِضطهاد ، أما في حكومة العدل والقانون فإن منشأ الخوف هو الجرم الذي ارتكبه الإِنسان واستحق العقاب عليه .
إن أحسن وأرقى الحكومات العالمية المعاصرة هي الحكومة التي تسيطر على القوانين العادلة على جميع شؤونها ، ويعيش جميع أفراد تلك الدولة ـ من أي طبقة أو منزلة كانوا ـ آمنين في ظل العدالة والقانون بأرواح ملؤها الرفاه والسعادة والهدوء .
ولقد عمل قائد الإِسلام العظيم ، قبل أربعة عشر قرناً ، على إرساء قواعد النظام الإِجتماعي في حكومته على هذا الأساس ، فقد منح العدل الأمن الروحي والهدوء النفسي لجميع الناس ، وزال الخوف والاضطراب اللذين كانا يحكمان العصر الجاهلي من جراء إستبداد الحكام واضطهادهم فأصبح الفرد المسلم يخاف من ذنبه فقط . ولأجل أن يتجلى هذا الدور الذي يسلكه الإِسلام في ضمان الأمن والهدوء للمجتمع نبسّط بعض الشيء مسألة الخوف .