هناك حافزان للخوف في تطبيق الواجبات الدينية من قبل كل فرد مسلم : ( الأول ) : الخوف من الله والجزاء الأخروي . ( والآخر ) : الخوف من الحكومة والعقاب الدنيوي . . . وفي كلا الموردين يكون منشأ الخوف هو الذنب الذي ارتكبه الإِنسان نفسه .
على كل فرد مسلم أن يطمئن إلى رحمة الله الواسعة ، خائفاً من عقابه . ولكن الخوف من الخالق الرحيم والعادل لا يكون كالخوف من حاكم مستبد ظالم . إن الحاكم المستبد يستند في قدرته إلى التعسف وأما في الحريم الإِلٰهي المقدس فلا يتصور الظلم والجور . إن الله يعاقب المذنب على أساس الحق والعدل ، والخوف من الله يعني الخوف من العقاب على الذنب لا أكثر . ولهذا فقد ورد التعبير في القرآن الكريم عن خوف الناس بنسبته إلى المقام الإِلهي ، فقال تعالى ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) (١) وقال أيضاً : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . . . ) (٢) . إن ( مقام الله ) هو علمه بإجرام المجرمين ، وقدرته على مجازاة المذنب وحماية المظلوم بالإِنتقام له من الظالم . . . وبصورة موجزة فإن ( مقام الله ) هو إقامة الحق والعدل فالذي يخاف من مقام الله لا يحوم حول الذنب .
« عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) قال : من علم أن الله يراه ، ويسمع ما يقول ، ويعلم ما يعلمه من خير وشر ، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال ، فذلك الذي خاف مقام ربه ، ونهى النفس عن الهوى » (٢) .
إن مقام المدعي العام في الحكومات القانونية هو مقام عقاب الجاني ومجازاة القاتل . . المدعي العام هو الذي يجر المجرم إلى المحكمة ويلزمه
____________________
(١) سورة الرحمن ؛ الآية : ٤٦ .
(٢) سورة النازعات ؛ الآية : ٤٠ .
(٣) تفسير البرهان ؛ ص : ١٠٧١ .