بالإِدانة . إن مقام المدعي العام هو إقامة العدالة والقانون ، فمن يهرق دماً باطلاً يخاف من مقام الإِدعاء العام ولكن هذا الخوف ناشىء من جنايته هو . . .
« إن علياً عليهالسلام قال لرجل ـ وهو يوصيه ـ : خذ مني خمساً : لا يرجونّ أحدكم إلا ربه ، ولا يخاف إلا ذنبه » (١) .
الخوف من الحكومة في الإِسلام يعني : الخوف من العقاب القانوني فقط . إن فرداً مسلماً لا يخاف من رئيس الدولة أو الهيئة الحاكمة أصلاً ، ولا ينبغي أن يخاف منه ، ذلك أنه ليس للحاكم الحق في إضطهاد أحد أو أخذه بالباطل ، فالهيئة الحاكمة في الإِسلام لا تمتاز على باقي أفراد الأمة في شيء غير ثقل عبء المسؤولية أمام الله تعالى . فعلى المسؤولين مضافاً إلى تطبيق الحق والعدالة أن يعاملوا الناس بالعطف والمحبة ، وإحترام الأُسس الأخلاقية . وفي هذا يكتب الإِمام علي عليهالسلام إلى مالك الأشتر في العهد الشهير :
« فا ملك هواك ، وشحَّ بنفسك عما لا يحل لك ، فإن الشح بالنفس : الإِنصاف منها فيما أحبت وكرهت . وأشعر قلبك الرحمة للرعبة والمحبة لهم واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم » (٢) .
إن الحكام المستبدين والمتزمتين هم عبيد أهوائهم ورغباتهم اللامشروعة أما الحكام العدول فهم مخالفون لأهوائهم ويتبعون الإِنصاف والفضيلة ويحبون الخير والصلاح للرعية .
كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جاداً تماماً في مقام تنفيذ القوانين وعقاب المجرمين ولهذا فقد كان الناس يخافون من إرتكاب الجرائم ، ولكنه في المعاشرات
____________________
(١) بحار الأنوار ج ١٧ ص ١٠٥ .
(٢) نهج البلاغة ص ٤٧٥ .