وعندما سئل عن سبب ذلك ، قال : إنه كان في خلقه مع أهله سوء .
إن بقاء عمارة مؤسسة من مئات الأطنان من الحديد والجص والصخر مرتبط بالتوازن والتعادل الكائن بين ركائزها ، وعدم خروج اعمدتها وجدرانها عن حدود الهندسة التي أنشئت على أساسها .
فإذا كانت العمارة منشأة منذ البداية على أساس غير موزون وبلا مقياس صحيح ، أو أن العوامل المختلفة أدت إلى اختلال توازنها فلا تكون قابلة للبقاء والاستمرار ، وسيؤول أمرها إلى التهدم والخراب . . . فما أكثر العمارت التي لا زالت تحتفظ بمتانتها وقوتها بالرغم من مرور السنين الطوال على إنشائها ، وذلك لمحافظتها على التعادل الهندسي المنشأة على أساسه ، ولكن ما أسرع أن تتهدم العمارة عندما لا تؤسس على توازن صحيح أو تفقد توازنها فيما بعد .
إن كل دولة تشبه عمارة ضخمة ، متكونة من ملايين الأفراد ويجب أن تقوم على أساس التوازن والتعادل.
فالدول التي تدار بالقانون والعدالة ، وتكون الحدود كلها مرسومة بين الطبقات المختلفة على أساس الحق والإِنصاف ، يعيش أفرادها في هدوء فكري وإطمئنان تام ، فلا يستغل الحكام سلطانهم لاضطهاد الناس . . . هذه الدول تستمر ثابتة وقوية محتفظة بحياتها الوطنية على الرغم من مر القرون وفي هذا يقول الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « العدل جُنة واقية ، وجنة باقية » (١) .
أما في الحكومة الجائرة التي يحرم فيها الأفراد من نعمة القانون والعدالة والحق والفضيلة . . . فالحكام يفرضون إرادتهم بإراقة الدماء والتجاوز على حقوق الآخرين ، واضطهاد الشعب وإيذائهم . ولذلك فالمواطنون يسكتون
____________________
(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ١٧ ص ٤٧ .