إن الإِنسان يتكون من جسد وروح ، وعليه فهناك نوعان من الرغبات في داخله : الرغبات المادية والميول المعنوية. فمن أخل برغبة من الرغبات الفطرية عند الإِنسان ، فإنه يخل بالعادة الإِنسانية بنسبة ما أهمل من رغباته. إن السعادة البشرية شأنها شأن شجرة باسقة تحمل آلاف الأغصان ، فبعضها يرتبط بالجانب المعنوي والروحي من الإِنسان ، وبعضها يرتبط بالجانب المادي منه ، والسعادة الحقيقية إنما تكون لمن تظله هذه الشجرة الطيبة بجميع غصونها وفروعها ، وتحيا فيه جميع الرغبات الظاهرية والباطنية .
إن التعاليم الإِسلامية تستند إلى الفطرة . . . الفطرة المودعة من قبل الله في خلق كل فرد ، والتي لا تتغير ولا تتبدل أصلاً :
( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ، ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) (١) .
فالإِسلام هو الدين القيم . . . والمنهج الرصين الذي يماشي قانون الفطرة والخلقة . ولهذا فإن النجاح الأكيد سيكون للإِسلام ، وإنه سينتصر على المذاهب والمبادىء الأُخرى بحكم الجبرية التاريخية شاء أعداؤه أم أبوا :
( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (٢) .
ولكي نثبت نظرة الإِسلام الشاملة إلى الميول الفطرية عند الإِنسان ـ ماديها ومعنويها ـ في ما يخص السعادة البشرية نلفت أذهانكم إلى النقاط التالية :
إن الإِيمان بالله ، وتزكية النفس وتطهيرها من الجرائم والآثام ، والمواظبة
____________________
(١) سورة الروم ؛ الآية : ٣٠ .
(٢) سورة التوبة ؛ الآية : ٣٣ .