الحديث ندرك مدى اهتمام الإِسلام بتشغيل القوى العاملة لاستغلال كنوز الأرض والاستفادة من خيراتها وعدم التماهل بشأنها ، حتى أنه ليحث الإِنسان على أن يبادر إلى غرس الفسيلة ، ( أو أي جهد إنتاجي آخر ) وإن علم بأن القيامة ستقوم بعد لحظات .
٢ ـ قال الإِمام علي عليهالسلام : « نعم المال النخل ، من باعها فلم يخلف مكانها فإن ثمنها بمنزلة رماد على رأس شاهقة أشتدت بها الريح في يوم عاصف » . ولا يخفى أن ذكر النخل ليس محصوراً فيه ، وإنما عبَّر به الإِمام لأن النخيل أكثر انتشاراً من غيرها من الأشجار في الجزيرة العربية فتراه ينهي عن بيع النخل من دون أن يكون قد زرع نخلاً في مكان آخر يستفيد منها في المستقبل .
٣ ـ وفي حديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً ، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة ، إلا كانت له به صدقة » .
٤ ـ يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « من وجد ماء وتراباً ثم افتقر ، أبعده الله » (١) .
فهنا نجده عليهالسلام يندد بالذي يملك المواد الأولية للزراعة وهي الماء والتربة . وتتوفّر له الظروف الصالحة فلا يستغلها ويبقى فقيراً ، فانه يستحق غضب الله ولعنته .
وهكذا نجد الإِسلام يهتم بأمر العمل والإِنتاج وتشغيل دولاب الإِقتصاد الوطني إلى درجة لا تسمح بالتكاسل والتواني حتى في أحرج الظروف وأتعس الأوقات . فنجد الإِمام الصادق عليهالسلام يقول لهشام : « يا هشام إن رأيت الصفين قد التقيا ، فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم » (٢) .
وبالرغم من هذا الحث الشديد وهذا الإِهتمام البالغ بشأن الاقتصاد
____________________
(١) بحار الأنوار للمجلسي ج ٢٣ / ١٩ .
(٢) وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج ١٢ / ١٤ .