والتأكيد على العمل لتقويمه وتقويته في الإِسلام ، فإنه لا يعتبر الكل في الكل بالنسبة إلى تحقيق السعادة الإِنسانية ، ولا يعطى أكثر مما يستحقه .
إن النشاط الإِقتصادي وتشغيل القوى والجهود البشرية لاستغلال الذخائر الطبيعية ليس إلا فرعاً من فروع شجرة السعادة في الإِسلام . . . نعم لا بد لنا أن نعترف بأنه فرع مهم وحيوي في تلك الشجرة . إلا أن الذين يعتبرون الاقتصاد هو الأساس في السعادة ، فإن اعتبارهم هذا يكشف عن عدم معرفتهم بحقيقة الإِنسان . ولذلك فهم ينزلونه ـ بنظرتهم هذه ـ عن مقامه الرفيع إلى مستوى آلة صماء أو حيوان فاقد الشعور .
كان يظن كثير من الناس والفلاسفة في الماضي ـ ولا يزال الكثر منهم يظن ـ بأن الطريق إلى السعادة البشرية ينحصر في كبت الغرائز الحيوانية ، وإطفاء الميول الجنسية . وكانت هذه العقيدة حتى زمن قريب شائعة جداً في أوروبا وأمريكا . فقد وجد في العالم المسيحي نساء ورجال كثيرون يترهبون باسم الدين ويتركون الدنيا وملاذها ، ويعرضون عن قانون الخلقة المتقن ومنهج الفطرة السليمة أي الزواج الصحيح . وكان وقع هذا الترهب حسناً جداً في نفوس المسيحين . . . ظالين أنهم يتمكنون بهذا العمل أن يتخلصوا من قيود الحيوانية ويصلوا إلى الإِنسانية الحقيقية فيصبحوا كملائكة السماء في الطهارة والروحانية والتجرد :
|
« كان أكثر
الفلاسفة وعلماء الأخلاق قبل فرويد ينبذون الغرائز ، أي أنهم كانوا يصرحون أحياناً ويلمحون أُخرى بأنها عوامل تجر الإِنسان إلى الخصائص الحيوانية وكانوا يؤكدون على أن التمدن الصحيح لا يمكن أن يتحقق في المجتمع إلا بالصراع العنيف مع تلك الغرائز التي كانوا يعتبرونها ( أرواحاً حيوانية ) . وبعبارة أُخرى فأن هؤلاء المفكرين كانوا يقولون بأن هذه الغرائز تمنع البشرية من التكامل ، ولو كان يمكن أن تفقد من المجتمع بالمرة ، كان من |