إن الإِسلام يرى أن في سلوك الأباء والأمهات تأثيراً كبيراً على سلوك أبنائهم الذين يرثون صفاتهم الصالحة أو الطالحة ، ولذلك نجد القرآن الكريم يحكي على لسان نوح هذه الحقيقة الناصعة حيث يقول بعد أن يئس من هداية قومه طيلة ٩٠٠ عام :
( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ، إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) (١) .
ولقد رأينا قبل صفحات كيف أن الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام يخاطب ابنه محمد بن الحنفية حينما جبن عن التقدم « أدركك عِرق من اُّمك » .
يقول الإِمام علي بن أبي طالب عليهالسلام في الفضائل العائلية : « إذا كرم أصل الرجل كرم مغيبه ومحضره » (٢) .
فمن كان ينتمي إلى نسب عريق في الفضائل كان ملازماً للصفات الخيرة في حضوره وغيابه وذهابه وإيابه .
وكذلك قال عليهالسلام : « عليكم في قضاء حوائجكم بكرام الأنفس والأُصول ، تنجح لكم عندهم من غير مطال ولا مّنٍ » (٣) . ومن هنا يعلم أن الشرف العائلي في الأفراد يجعلهم يقضون حوائج الناس من دون أن يحملوهم منا أو يتماهلوا في أدائها .
وروي عنه عليهالسلام أيضاً : « عليكم في طلب الحوائج بشراف النفوس ذوي الأصول الطيبة ، فانها عندهم أقضى ، وهي لديهم أزكى » (٤) .
____________________
(١) سورة نوح ؛ الآية : ٢٦ . هذا وتشير الآية إلى عاملي الوراثة والمحيط في التأثير على سلوك المجتمع ، فإن الكافرين إما أن يفسدوا البيئة ، أو يخلفوا أولاداً صالحين.
(٢) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ١٤٤ طبعة النجف الأشرف .
(٣) المصدر السابق ص ٢١٤ طبعة النجف الأشرف .
(٤) المصدر السابق ص ٢١٤ طبعة النجف الأشرف .