كما يقول في مورد آخر : « حسن الأخلاق برهان كرم الأعراق (١) فيستكشف عن حسن أخلاق الإِنسان شرافة طباع عائلته وكرم نفوسهم ».
وكقاعدة عامة يمكن أن نقول : إنه يجب البحث عن الأفراد الشرفاء من بين العوائل الشريفة والعريقة ، فالأسر التي عرفت طوال سنين متمادية بالطهارة والتقوى ، والتي خرجت من جميع الإِمتحانات في الحياة بنجاح باهر ، لا بد وأن يبرز من بينها رجال شجعان يجاهدون في الصفوف الأولى دائماً (٢) ، وكرام يمدون يد المعونة إلى الفقراء في أوقات الأزمة ، ويقدمون ثروتهم بكل خلوص وارتياح للمحتاجين ، فيُسلّون بذلك قلوب المصابين ويكونون آباء عطوفين لليتامى ، تملأ قلوبهم الرحمة والشفقة والخير والمحبة للناس .
وعلى العكس من أُولئك نجد الأسر المنحطة التي لا تفهم معنى للشجاعة ، ولا توجد كلمة الكرم والعفو في قواميسهم ، والذين لا يفكرون في شيء غير شهواتهم الدنيئة وأغراضهم الشخصية ، تملأ قلوبهم الأنانية والأثرة ، ولا يخلفون إلا أولاداً سافلين منحطين .
ولهذا نجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحذر المسلمين ـ في موضوع الزواج ـ من اختيار الزوجة التي تنتمي إلى أسر منحطة سافلة مهما كانت جميلة فيقول : « إياكم وخضراء الدمن . قيل : يا رسول الله وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت سوء » (٣) .
____________________
(١) المصدر السابق ص ١٦٧ طبعة النجف الأشرف .
(٢) يتضح هذا جلياً في إختيار الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام لفاطمة الكلابية ( أم البنين ) بعد وفاة ابنة عمه الصديقة الزهراء ، إذ قال عليهالسلام لأخيه عقيل ـ وكان عارفاً بالأنساب ـ : « أخطب لي امرأة ولدتها الفحولة من العرب لارزق منها ولداً يكون عوناً لولدي الحسين يوم عاشوراء . . . الخ » فإن الإِمام ينظر إلى شجاعة الأسرة التي يريد أن يخطب منها زوجته لتنجب له ولداً شجاعاً .
(٣) بحار الأنوار
للشيخ المجلسي ج ٢٣ / ٥٤ . وخضراء الدمن عبارة عن الخضرة التي تنشأ من أنبات بعض الحشائش على قطعة من الأرض مليئة بالروث فيتراىء للناظر أنها