ومن خلال العهد الذي بعث به الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام إلى مالك الأشتر النخعي (رض) حينما جعله والياً على مصر ، والذي يعتبر أحسن العهود من نوعه . . . نجد فقرات عديدة تشعر الإِهتمام بأصالة النسب ، كما في وصيته باختيار الأصحاب من العوائل الشريفة ، وذلك قوله عليهالسلام :
« ثم الصق بذوي الاحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة ثم أهل النجدة والشجاعة والسماحة ، فأنهم جماع من الكرم ، وشُعب من العرف » (١) .
ولنستمع إليه عليهالسلام يقرر لابن الأشتر كيفية إنتخاب الموظفين الأكفاء ، ومراعاة الشروط الدقيقة في توليتهم المناصب والمهمات : « وتوخَّ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإِسلام المتقدمة ، فأنهم أكرم أخلاقاً ، وأصح أعراضاً ، وأقل في المطامع إشرافاً وأبلغ في عواقب الأمور نظراً » (٢) .
فيشترط في الموظف الذي يقلد أمور الإِدارة « أن يكون عفيفاً منتمياً إلى عشيرة شريفة وأسرة عريقة في الإِسلام والتدين ، لما في ذلك من مصالح عظيمة ، ودرء لمخاطر كثيرة ، فهؤلاء يؤدون واجباتهم باخلاص ، لا يرتشون ولا يستغلون مناصبهم لأطماعهم وغاياتهم الشخصية .
يستفاد من مجموع البحوث السابقة : أن الطفل في رحم أمه يكون خلاصة لمجموعة من الصفات الظاهرية والمعنوية لآبائه وأجداده القريبين والبعيدين ، وهناك عشرات العوامل المختلفة ( الوراثية والطفرة ) تؤثر فيهم آثاراً صغيرة أو كبيرة ، مفيدة أو مضرة ، فإذا كانت هذه العوامل كلها صالحة
____________________
أعشاب طيبة الرائحة ، لكن النظر إلى أصول هذه الحشائش يكشف للناظر وجود الروث تحتها . فالمرأة الحسناء التي تنتمي إلى أُسرة منحطة شأنها شأن هذه الحشاش التي ظاهرها جميل وباطنها خبيث .
(١) نهج البلاغة شرح محمد عبده ج ٣ / ١٠١ ، طبعة المكتبة التجارية .
(٢) نهج البلاغة شرح محمد عبده ج ٣ / ١٠٥ .