( والسلام يوم الولادة ) وهما يحيىٰ بن زكريا ، وعيسىٰ ابن مريم ، يقول القرآن في حق يحيىٰ : ( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ) (١) . ويقول على لسان المسيح ابن مريم : ( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ ) (٢) . والسلام بمعنى : عموم العافية أي : الطهارة الكاملة للبدن والروح . وهذه الحقيقة أي طهارة المولد متساوية في حق جميع الرسل والأنبياء ، والنكتة الأُخرى التي يجب التنبيه لها هي : أن القرآن عبر عن السلامة في دور الرحم بسلامة يوم الولادة ، وذلك لأن السلامة في تمام ذلك الدور لا تعرف إلا بعد ولادة الطفل سالماً ، وإجتيازه تلك المراحل كلها بنجاح حيث تنقطع صلته تماماً برحم أُمه .
« كان علي بن الحسين عليهالسلام إذا بُشر بولد ، لم يسأل : أذكر هو أم أُنثى ؟ بل يقول : أسوي ؟ . فإذا كان سوياً قال : الحمد الله الذي لم يخلقه مشوهاً » (٣) .
ولا ريب فلسلامـة المولد قيمتها ، إذ أنها هي السبب الأول في نشوء جيل مستو وخلق مجتمع فاضل تنتشر فيه روح السعادة والإِنسانية والصفاء .
يتضح مما سبق مدى أهمية رحم الأم في سعادة الطفل وشقائه ، وكذلك أتضح السبب في عدم ذكر الروايات لإِهمية أصلاب الآباء ، إذ أن الرحم هو مصدر السعادة والشقاء ، وفيه يتقرر مصير الإِنسان وسلوكه بنسبة كبيرة .
فبعض الأطفال يبتلى بقسم من العيوب والنواقص العضوية في ناحية أو أكثر من البدن ، ويولد مع تلك العيوب . وهناك بعض الأطفال نجدهم سالمين من حيث القوام البدني ، ولكنهم مصابون ببعض الإِنحرافات والعوارض النفسية والروحية ، ولذلك فإن الشقاء قد لحق بهم وهم في بطون أُمهاتهم .
____________________
(١) سورة مريم ؛ الآية : ١٥ .
(٢) سورة مريم ؛ الآية : ٣٣ .
(٣) مكارم الأخلاق ص ١١٩ ط إيران .