لا تنحصر العيوب والعاهات التي تصيب الطفل في رحم الأم بالنوع البدني منها فقط . فكثيراً ما يتفق إصابة الطفل بعوارض وإنحرافات روحية فهي ليست ظاهرة بل كامنة ، ولكن الأم هي التي أوجدت العوامل المساعدة لذلك الإِنحراف الكامن الذي لا يلبث ـ بعد الولادة ـ أن يظهر تدريجياً ، فيكشف الزمن عن أسرار عميقة كانت مكتومة في سلوك الفرد فجميع تلك الاستعدادات تأخذ بالظهور إلى عالم الفعلية واحدة تلو الأُخرى .
يقول الإِمام أمير المؤمنين عليهالسلام : « الأيام توضح السرائر الكامنة » (٢) .
وورد عن الإِمام جواد عليهالسلام : « الأيام تهتك لك الأمر عن الأسرار الكامنة » (٣) .
وهكذا ، فكما أن الأم المصابة بالسل والسرطان تكون عاملاً مساعداً في إصابة طفلها بنفس المرض ، فالأم المأسورة للإِنحرافات الروحية والسيئات الخلقية والصفات الرذيلة تكون تربة مساعدة أيضاً لإِنحراف سلوك الطفل وتفكيره أيضاً . وتأخذ تلك الإِنحرافات الروحية بالظهور بالتدريج في الطفل .
|
« إن ولد السارق أو
مصاص الدماء ، تكون قابليته على الإِرادة الصحيحة أقل من ولد المجنون . فإن الأفراد الذين يملكون إنحرافات وراثية موجودون في جميع طبقات المجتمع . ويمكن العثور عليهم بين الأغنياء والفقراء والمثقفين والعمال والفلاحين . . . كثيرون هم الذين ينهزمون أمام المشاكل لأبسط حادثة ، والمتلونون الذين لا يستقرون على حال ، ولا يقفون على تصميم ضعفاء الإِرادة التائهون في خضم الحياة ، والكسالى الذين يشبهون الجماد في خمولهم وجمودهم ، والحساد الذين |
____________________
(١) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي ص ٢٨ .
(٢) بحار الأنوار للمجلسي ج ١٧ / ٢١٤ .