بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرح صدورنا بالهداية لدين الإسلام ، وغرس في رياض قلوبنا حدائق معرفة الشرائع ومدارك الأحكام ، وفقّهنا في معالم دينه بما هو منتهى المطلب وغاية المرام ، وبصّرنا فيه بنهاية الاستبصار وكامل الإتقان ، ووفّقنا لتهذيب أحكامه وتحرير قواعده بجامع البيان ، والاستضاءة بمشكاة مصابيحه ، والغوص في بحار أنواره لاستخراج الجواهر ومنتقى الجُمان ، ووقّفنا على سرائره وكنز عرفانه وإشاراته وتبيانه بمجمع البرهان وجوامع التبيان.
والصلاة والسلام على مَنْ هم نبراس الضياء وَقَبَس الاهتداء ، وهداية الأُمّة وغاية المراد ، وبهم كمال الدين وإتمام النعمة والإرشاد ، محمّد مُخمِدِ نار العدم ، وآله المنتجبين في القدم ، صلاةً وسلاماً دائمين مدى الآباد.
أمّا بعد : فإنّ أشرف ما تصرف فيه نفائس النفوس وأطرف ما جرت به جياد الأقلام في ميادين الطروس (١) هو العلم بالأحكام الفقهيّة ، الذي تطابقت على شرفه الأدلّة العقليّة والنقليّة ، فإنّه بين سائر العلوم كالشمس بين سائر النجوم ، ولطال ما أنفق العلماء الأعلام فيه كنوز الأعمار ، وبذلوا في تحقيقه نفائس الأنظار والأفكار ،
__________________
(١) الطِّرس : الصحيفة. مختار الصحاح : ٣٩٠ طرس.