وفي ( الكافي ) عن الصادق عليهالسلام ، قال لا تدعها ولو كان بعدها شعر (١) ، إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا المضمار.
ومنها : أنَّه جلَّ شأنه وعَظُم سلطانه أوّل الموجودات فناسب أنْ يكون اسمه أوَّل كلّ شيء حتى المكتوبات ، كما قيل : إنّ له تعالى وجوداً في الأعيان ، ووجوداً في الأذهان ، ووجوداً في الإنسان ، ووجوداً في البيان وهي الكتابة. ووجوده تعالى في هذه الأقسام أشرف الوجودات.
ومنها : الردّ على أهل الجاهلية فإنّهم إذا أرادوا البسملة قالوا : باسمك اللهمَّ ، فلمّا نزل قوله تعالى ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ) (٢) ، وقيل : قوله تعالى ( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (٣) ، أمر صلىاللهعليهوآله أن يقال ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (٤).
ثّم إنَّ المُراد من ذي البال في الحديث السابق هو الأمر المقصود بالذكر بالذات ، لا كلّ ما كان ذا شأنٍ وخطرٍ في نفس الأمر ، فتخرج البسملة عنه بهذا المعنى ، فلا يرد ما قيل من أنَّ البسملة أيضاً أمرٌ ذو بال فتقتضي بسملة اخرى ، وهي أيضاً كذلك ، فيلزم الدور أو التسلسل ، وهما باطلان. أو نخصّص ذلك العامّ بما سوى البسملة ، إذ ما من عامّ إلّا وقد خُصّ ، فنخرجها عن حكمه بالقرينة الخارجيّة من الأدلّة النقليّة ، كاستثناء الصلاة على النبيّ وآله في ضمن الصلاة عليهم ؛ بناءً على القول بالوجوب كلّما ذكر. أو نجعلها متخصّصةً بنفسها غير داخلة في العموم أصلاً ، على حدّ قولنا : كلّ شيء معلول لله ، وقوله تعالى ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (٥) ، فإنَّ المُراد غير ذاته تعالى من غير احتياج إلى أحد المخصِّصات.
والفرق بين الجوابين ظاهر بلا رين.
ولك أنْ تبقية على عمومه وتلتزم بأنَّ البسملة الواحدة كما أنَّها بسملةٌ لغيرها
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٧٢ / ١ ، بالمعنى.
(٢) الإسراء : ١١٠.
(٣) النمل : ٣٠.
(٤) النمل : ٣٠.
(٥) الزمر : ٦٢.