الأوْلى الأوّل الذي عليه المعوّل ، فالممتنع كون الابتداء بهما حقيقيّا لاستلزامه المحال.
وكيف كان ، فالحمد لغةً : الوصفُ باختياريّ الجميل ، بقصد التعظيم والتبجيل (١). ومثله المدح اللغوي (٢) على القول بترادفهما كما اختاره بعض ذوي التحصيل (٣).
وأمَّا على المشهور من التغاير بينهما فيخرج باختياريّ الجميل ، كما يخرج بقصد التعظيم والتبجيل ما كان ثناءً على جهة الاستهزاء والسخرية والتخجيل.
اللهمّ إلّا أنْ يقال : إنَّ الوصف على جهة الاستهزاء لا يُسمَّى ثناءً عرفاً ؛ لاشتراط الإشعار بالتعظيم في صدق الثناء ، فالخالي عنه إنَّما يسمّى سخريَّة واستهزاءً ، فحينئذ يخرج بقيدي الثناء [ و (٤) ] الجميل ، لكنَّه إنّما يتمّ بناءً على المشهور المنصور من أنَّ الثناء حقيقةٌ في الخير فقط ، وأنَّ الوصف بالجميل لا يكون إلّا بقصد التجليل.
أمَّا على القول بمقوليّة الثناء بالاشتراك أو التواطؤ على الخير والشرّ ، وأنَّ الوصف بالجميل لا يستلزم التفضيل ، بل قد يكون على وجه الاستهزاء والتخجيل ، فلا يخرج ذلك عن الحمد ، كما لا يخفى على ذي تحصيل.
وقد نُقض هذا التعريف في عكسه بالثناء على صفات الله تعالى حيث قد قيَّد فيه المحمود عليه بالاختياري بالثناء على صفات الله الذاتية ، فإنَّها ليست باختياريّة ، فإنّه تعالى بالنسبة إليها موجب لعدم انفكاك الذات في حال من الحالات ، فلا يجوز الحمد عليها بخلاف الصفات الفعليّة التي يمكن انفكاكها عن الذات كالخلق والرزق ، فإنّها اختياريّة له تعالى فيجوز الحمد عليها.
__________________
(١) مجمع البحرين ٣ : ٣٩. حمد ، التعريفات : ٤٢.
(٢) مجمع البحرين ٢ : ٤١١. مدح.
(٣) الكشّاف ( الزمخشري ) ١ : ٨.
(٤) في المخطوط : ( أو ).