العرفي أصلاً ؛ إذ لا يمكن صرف جارحة اللسان مثلاً في وقت من الأوقات في جميع ما خلق لأجله ، كالذكر والنصيحة وإنذار الأعمى من الوقوع في البئر وغيرها ، فضلاً عن صرف الجميع.
أمَّا على ما ذكرنا فلإمكان إتيان المكلّف بما يكلَّف به في وقته وإلَّا لزم التكليف بالمحال ، وهو محالٌ على الحكيم المتعال.
إذا عرفت هذا ، فالنسبة بين الحمدين العموم والخصوص من وجه ؛ لاجتماعهما في الثناء باللسان في مقابلة النعمة والفواضل ، وانفراد اللغوي بصدقه بذلك في مقابلة غيرها من الفضائل ، وانفراد العرفي بصدقه بغير فعل اللسان من قول الجنان والأركان. فاللغويّ أعمّ متعلّقاً وأخصّ مورداً ، والعرفي أعمّ مورداً وأخصّ متعلّقاً.
وبين الشكرين ؛ إمَّا العموم والخصوص المطلق واللغويّ أعمّ مطلقاً ، أو التباين :
أمَّا الأول : فنظراً إلى أنَّ صَرْف جميع الأعضاء فيما خلق لأجله في العرفي فعل واحدٌ وإنْ تعدّد متعلَّقه من الأعضاء والآلات ، ضرورة عدم منافاة ذلك وصفه بالوحدة ظاهراً بالنظر إلى ذاته ؛ ولهذا يقال : صدر عن زيد فعلٌ واحد هو ضرب القوم ، مع تعدّد مَنْ وقع عليه الضرب ؛ ولأنَّ المركَّب تارةً يوصف بالوحدة الحقيقية كذي الأجزاء الارتباطيّة كبدنٍ واحد ، وتارة بالاعتباريّة كذي الأجزاء الاستقلاليّة كعسكرٍ واحد. والصرْفُ المذكور من الثاني لا الأوّل ، فيكون كلا الشكرين فعلاً واحداً بهذا الاعتبار ، فيتصادقان وإنْ كان اللغويّ أعمّ.
وأمّا الثاني : فنظراً إلى أنَّ الصرْف المذكور ينحلّ انحلال الكلِّ إلى أجزائه إلى أفعال متعدّدة كصَرْف اللسان ، وصَرْف القلب ، وصَرْف السمع والبصر ونحوها ، فلا يصدق عليها فعل واحدٌ فيتباينان ، ضرورة مباينة الواحد للمتعدّد ؛ ولأنَّه لو جعل