أمَّا الأوّل ؛ فلصدق الحمد اللغوي على جهة الانفراد بالثناء باللسان فقط ، مجرّداً عن فعل الجِنان والأركان وإنْ كان مطابقة الأوّل وعدم مخالفة الثاني شرطاً في الصدق لا شطراً منه ، وعدم صدق الشكر العرفي بذلك ؛ إذ لا يصدق إلّا بانضمام فعل جميع الآلات ، فيصير الحمد اللغوي جزءاً خارجياً من الشكر العرفي ، ومن الواضح الجليّ مباينة الكلّ لجزئه الخارجي ؛ لامتناع حملهما على شيء أو حمل أحدهما على الآخر.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّه متى تحقّق الكلّ تحقّق الجزء في ضمنه من دون عكس ، فكان اللغوي أعم مطلقاً بهذا الاعتبار ، وإلَّا فلا مجال لإنكار مباينة الكلّ لجزئه بحسب الحمل. وحينئذ فإنْ أراد القائل الأول العموم والخصوص المطلق باعتبار الوجود والتحقّق فمرحباً بالوفاق. وإنْ أراد بحسب الحمل والصدق ففيه ما مرّ.
وقد تجعل النسبة بينهما بذلك الاعتبار العموم والخصوص من وجه ؛ لانفراد الشكر العرفي عن الحمد اللغوي في مادة فاقد اللسان أو آلة التعبير مطلقاً ، فإنّه يتحقّق منه حينئذ صرف الجميع في الجميع ، إذ جارحة اللسان حينئذ ليست ممّا أنعم الله بها عليه ، فلا ينافي فقدانها تحقّق الشكر العرفي ، فتأمَّل.
قيل : وبين الحمد العرفي والشكر اللغوي التساوي.
وفيه : أنَّ نسبة التساوي وسائر النسب إنّما تعتبر بين الشيئين المتغايرين في المفهوم ؛ لامتناع نسبة الشيء إلى نفسه بأحدها ، ومجرّد التساوي في الصدق في الترادف لا يكفي في تحقّق التساوي ؛ إذ المتساويان هما المفهومان المتّحدان مصداقاً ، والمترادفان ليسا مفهومين وإنْ اتّحدا فيه ، فالأقرب سقوط النسبة بينهما عن درجة الاعتبار.
نعم ، على ما نقل عن بعض شرّاح ( الكشّاف ) من خصوص الشكر اللغوي بجارحة اللسان يكون الحمد العرفي أعمّ مطلقاً ، كما أنَّه على تقدير تقييد النعمة في