الشكر اللغوي بالوصول إلى الشاكر يكون الشكر أخصّ مطلقاً ، ولكن قد عرفت ضعف القولين وسقوطهما من البيَنْ.
ثمّ عقّب الحمد والشكر المذكورين بقوله ( حمداً وشكراً كما هو أهلُهُ ) تنبيهاً على العجز عن أداء ما هو أهله وحقّه من الحمد والشكر اللذين يستحقّهما على نعمائه المتواترة وآلائه المتظافرة من النعم الباطنة والظاهرة ، فيكونان حينئذ صوريَّين لا حقيقيّين ، لما مرّ من اعترافه بأنَّ الحمد والشكر المذكورين من جملة النعم التي تستدعي حمداً وشكراً آخَرينِ ، بناء على جعل الكاف على حقيقتها للتشبيه لا زائدة ؛ إذ الأصل عدم الزيادة ، مع منافرة تنكيرهما لجعل ( ما ) الموصول صفةً لهما أو نكرةً موصوفةً بدلاً منهما كما قيل. وإن جُعلت زائدة لزم خلاف الأصل مع عدم الحاجة إليه ، بل ومخالفته لظاهر المقام من الاعتراف بالعجز عن الحمد على ما أنعم به عليه.
ويمكن جعل الكاف هنا تعليلية مثلها في قوله تعالى ( وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ ) (١) ، فيكون حينئذ إشارة إلى أعلى مراتب العبادة من عدم ملاحظة رجاء الثواب ودفع العقاب ، التي هي عبادة الأحرار ، كما ورد عنهم عليهمالسلام. بمعنى : أنّه يحمده تعالى لأنَّه أهلٌ للحمد ومستحقّ للشكر مع قطع النظر عن الإنعام على حدّ قول أمير المؤمنين عليهالسلام : « إلهي ما عبدتُك خوفاً من نارِك ، ولا طمعاً في جَنَّتِك ، ولكن وجدتُك أهلاً للعبادةِ فعبدتُك » (٢).
ولعلّ هذا أحسن الوجوه لأوفقيّته بشأن المخلِصِين الأبرار ، جعلنا الله منهم بحقّ محمّد وآله الأطهار.
وإنّما وحّد الضمير في « أهله » مراعاة للسجع ؛ ليناسب ما بعده من قوله :
__________________
(١) البقرة : ١٩٨.
(٢) الأربعون حديثاً ( البهائي ) : ٤٤١ ، البحار ٦٧ : ١٨٦.