الوجود الفعلي الذي هو المطلب الكلّي ، ولا دلالة في الجواب عليه.
وأمّا قوله رحمهالله : ( إذ كلّ ما لم يوجد يستحيل أنْ يكون واجب الوجود ).
ففيه : أنّه إنْ أراد الوجوب الذاتي فمُسَلّمٌ ، وإنْ أراد ما يعمّ الوجوب الغيري وَرَدَ النقض عليه بالحوادث الإمكانيّة الواجبة الوجود عند وجود علَّتها التامَّة ، ولعلَّه لهذا عقّبه رحمهالله بقوله : ( فافهم ).
قيل : تقديره مستحقّ للعبادة.
وأُورد عليه : أوّلاً : بعدم دلالتها حينئذ على الوجود الفعلي وعدم إمكان غيره تعالى ؛ لجواز وجود إله غيره تعالى غير مستحقّ للعبادة ، مع أنّه لا بدّ في التوحيد من هذين الأمرين. على أنّه إنْ أُريد سلب الاستحقاق عن الغير بالإمكان لم تدلّ على الاستحقاق والوجود الفعليين بالنسبة إليه تعالى ، وإنْ أُريد السلب الفعلي لم تنفِ إمكان إله مستحقّ للعبادة غيره سبحانه ؛ لجواز وجود إله غيره تعالى غير مستحقّ للعبادة ، أو مستحقّ معاً بالإمكان.
وثانياً : أنّه بناءً على أنّ اتّصاف ذات الموضوع بالعنوان لا بد أنْ يكون بالفعل كما اختاره ابن سينا (١) ، يكون معناها : لا إله بالفعل مستحق للعبادة إلّا الله.
وحينئذ فغاية ما تفيده أنْ لا يكون شيءٌ معبودٌ بالفعل مستحقّاً للعبادة غيره جلّ شأنه ، ولا تنفي أنْ يكون إله بالإمكان مستحقّاً للعبادة ، فلا تكون نصّاً في نفي استحقاق العبادة عن جميع ما سواه جلّ مجده وعُلاه.
وأُجيب عنهما بطريقين :
الأوّل : بـ ( أنَّ وجوب الوجود مبدأ جميع الكمالات ، ولذا فرَّع المحقّق الطوسي رحمهالله [ في التجريد (٢) ] كثيراً منها عليه ) (٣).
وحينئذ فلا ريب أنّه يوجب استحقاق التعظيم والتبجيل ، ولا معنى لاستحقاق
__________________
(١) سيأتي في الصفحة : ١٦٣.
(٢) من المصدر.
(٣) التعليقات على شرح اللمعة الدمشقية : ٤.