وقد تُطلق أيضاً على الإخبار عن الحقائق الإلهية والمعارف الربانية. ومُرادهم الإخبار عن ذات الحقّ وأسمائه وصفاته الكماليّة ، ونعوته الجلاليّة ، وأفعاله اللَّاهوتيّة ، وأحكامه العدليّة. وخصّوا الإخبار عن معرفة الذات والصفات والأسماء والأفعال باسم نبوّة التعريف ، كما خصّوا ذلك مع الإخبار عن الأحكام والتأديبِ بحميد الأخلاق والتعليمِ للسياسات باسم نبوّة التشريع والرسالة ، وكما يدلّ ما قدّمناه على أنَّه صلىاللهعليهوآله نبيٌّ كذلك يدلّ على أنَّه أيضاً رسولٌ إلى جميع خلقه.
( أرسله ) الله تعالى بالهُدى ودين الحقّ بشيراً ونذيراً ، وداعياً إلى الله بإذنه ، وسراجاً مُنيراً ، وختم بشريعته السمحة الحنيفيّة السهلة شرائع مَنْ كان قبله.
والفرق بين النبيّ والرسول بعد اجتماعهما واشتراكهما في الإخبار بلا واسطة اختصاص الرسول بشريعة دون النبيّ ، فكلّ رسول نبيّ ولا عكس ، كذا قيل (١).
ولا يخلو من بحث ؛ لأنّ تعريف النبيّ بالإنسان المُخبِر عن الله بغير واسطة بشرٍ منقوضٌ عكساً بالأنبياء الموجودين في زمن أصحاب الشرائع الذين يأخذون أحكامهم من صاحب الشريعة ، كلوط عليهالسلام بالنسبة إلى إبراهيم عليهالسلام.
اللهمّ إلّا أنْ يلتزم عدم صدق النبوّة حقيقةً عليهم ، ولا يخفى ما فيه.
وربَّما فُرِّق بين النبيّ والرسول بأنَّ النبيَّ غير مأمور بتبليغ وحيه ، والرسول عكسه. وبأنّه مأمور بالتبليغ ولكن ليس له كتاب أو نسخ لبعض شرائع من قبله ، والرسول عكسه.
وربّما قيل : هما مترادفان. والجميع كما ترى ، وكون بعض الأنبياء منبَّأً في نفسه فقط فردٌ نادر بالنسبة إلى غيره ، فلا ينبغي حمل جميع إطلاقات النبيّ عليه.
والأَوْلَى هو الرجوع في ذلك إلى ما ورد في الأخبار عن الأئمّة الأطهار ، ففي
__________________
(١) شرح المقاصد ٥ : ٥ ٦.