المقدّمة الأولى
اعلم أنَّه لا نزاع في أنَّ الإخفات من حيث كونه أمراً عدميّاً هو الأصل الأوّلي ؛ لأنَّ العدم الأزلي هو الأصل في جميع الممكنات ، وأنَّ الجهر من حيث كونه وصفاً زائداً على ذات الحرف خلاف الأصل ؛ لصحّة نفيه بأصل العدم ، واحتياج إيجاده في الخارج لأمر آخر يقتضي الإثبات.
كما أنَّه لا نزاع في تطابق العقل والنقل على اتّحادهما في جهة الحسن المقتضية لحسن التكليف بكلّ منهما ، وإنَّما النزاع في أنّ الأصل الأوّلي هل ورد عليه دليل رافع لموضوعه ، أو أصل ثانوي حاكم عليه ، أم لا؟
وبعبارة اخرى : إنَّ الصفة المشروطة في تأدية ألفاظ الصلاة بمعنى المجعول أو المراد الشرعيين ، هل هو الجهر ، أو الإخفات ، أو كلاهما؟
وبعبارة اخرى : إنَّ الجعل أو الإرادة شرعاً هل تعلّق أحدهما بالجهر أو الإخفات ، أو أنّ كلّاً منهما أصل برأسه ، بمعنى تعلّق الجعل أو الإرادة بكلّ منهما بانفراده ؛ لانقسامها لجهريّة وإخفاتيّة؟
قد يظهر الأوّل من بعض ، كما قد يظهر الثاني من آخر ، والثالث من ظاهر الأكثر.
ويمكن الاستدلال على الأوّل بقوله تعالى : ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ