وأمّا القاعدة ؛ فلأنّ المراد بها هنا الأمر المستمر كالقانون ، وقد عرفت مداومة النبيّ صلىاللهعليهوآله على الجهر واستمراره عليه.
وأمّا الاستصحاب ؛ فلما دلّ عليه صحيح محمّد بن حمران من أنّ أوّل صلاة شرّعت إنّما هي بالجهر ، فيرجع إليه حالة الشكّ في الحكم.
ولا يخفى ما فيه من عدم الدلالة والتأييد ، بعد الإحاطة بما ذكرناه من القول السديد.
أمّا رجحان الجهر في الأذكار والاستمرار ، فقد عرفت ما فيهما من المنع والإنكار.
وأمّا الاستصحاب فلتغيّر الموضوع بفوات الخصوصيّات المأخوذة قيداً فيه ، كما لا يخفى على نبيه ، ولو للشكّ في بقاء الموضوع مع القطع بزوال بعض القيود.
وحينئذ ، فما جنح إليه البعض من احتمال أصالة الجهر بعد ما وقفت على ما حرّرناه لا يعوّل عليه ولا يستند إليه.
ومثله ما استند له بعض الإثبات من احتمال أصالة الإخفات ، قال رحمهالله محشّياً على صحيح الفضل بن شاذان (١) المعلّل للجهر في بعض الصلوات دون بعض بأنّ الصلوات التي يجهر فيها إنّما هي في أوقات مظلمة ، فوجب أنْ يجهر فيها ليعلم المارُّ أنَّ هنا جماعة تصلّي ، وصحيح محمّد بن حمران (٢) المعلّل للجهر في الجمعة والعشاءين والغداة ، والإخفات في الظهرين ، وخبر يحيى بن أكثم (٣) المعلّل للجهر في الصبح بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يغلس بها ما لفظه :
( لعلّ فيه دلالة على أنّ أصل الصلاة بالإخفات ، وإنَّما جهر في بعض الصلوات لعلّةٍ ، هي إعلام المارّ بأنّ هناك جماعة تصلّي. بل هو صريح في أنّ الصلوات التي يجهر فيها إنّما هي في أوقات مظلمة ، فوجب أن يجهر فيها للعلّة المذكورة. وفي
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٣ / ٩٢٧ ، الوسائل ٦ : ٨٢ ـ ٨٣ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢٥ ، ح ١.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ٩٢٥ ، الوسائل ٦ : ٨٣ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢٥ ، ح ٢.
(٣) الفقيه ١ : ٢٠٣ / ٩٢٦ ، الوسائل ٦ : ٨٤ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ٢٥ ، ح ٣.