فادعُ » (١). إذ لو كان التحريم لمنافاته الإنصات لحرم كلّ ما ينافيه من الدعاء والذكر ، إلّا أن يحمل على ما مرّ من الجمع بين الاستماع والدعاء والذكر ، أو على ما قبل شروع الإمام في القراءة والدعاء عند آية الرحمة ، والتعوّذ عند آية النقمة ؛ للنصّ الخاصّ ، أو عدم سماع المأموم. والله العالم.
وإنْ سمع الهمهمة فقط فكالأوّل في نقل الإجماع (٢) على السقوط في الجملة ، والخلاف في أنّه على جهة الوجوب فتحرم القراءة ، أو الاستحباب فتكره ، والخلاف في تعليل وجه الحكم ، فالأكثر على التحريم هنا أيضاً كالأوّل ؛ لخصوص صحيح قُتَيْبَة عن الصادق عليهالسلام ، وفيه : « فإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ » (٣) ، وصحيح عُبَيْدِ بن زرارة عنه عليهالسلام ، وفيه : « إن سمع الهمهمة فلا يقرأ » (٤) ، وموثّق سماعة : « إذا سمع صوته فهو يجزيه ، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه » (٥) ، وعموم غيرهما ؛ لصدق سماع القراءة عليه وإن لم يكن سماعاً تامّاً. ومن قال بالكراهة هناك قال بها هنا ، والدليل الدليل ، والجواب الجواب.
ونقل عن الشيخ رحمهالله في ( التهذيب ) (٦) هنا التخيير بين القراءة والترك ؛ لصحيح عليّ بن يقطين ، وفيه : « لا بأس إن صمتَّ وإن قرأ » (٧).
وفي الدلالة نظر ، وفي النقل مناقشة :
أمّا الأوّل ؛ فلكون التخيير مسوقاً في السؤال عمّن لا يسمع القراءة ، ومن سمع الهمهمة يصدق عليه أنّه سمع القراءة وإن لم يكن سماعاً تامّاً يميّز بعض الألفاظ عن بعض.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ ظاهر كلامه في ( التهذيب ) خلاف ذلك ، فإنّه قال فيه : ( وإذا صلّيت
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٨ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣٢ ، ح ٢.
(٢) مفتاح الكرامة ٣ : ٤٤٥. (٣) التهذيب ٣ : ٣٣ / ١١٧.
(٤) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٧.
(٥) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٣ ، الوسائل ٨ : ٣٥٨ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٣١ ، ح ١٠.
(٦) التهذيب ٣ : ٣٤ / ذيل الحديث ١٢١.
(٧) التهذيب ٣ : ٣٤ / ١٢٢.