وأمّا الإجماع ؛ فقد يستفاد من تعدّد الأقوال ، وانتشار الخلاف في قراءة المأموم في ما عدا الأُوليين بين علمائنا الأبدال ، أن مورد الإجماعات المستفيضة على التخيير بين القراءة والتسبيح إنّما هو خصوص المنفرد ، أو ما عدا المأموم ، إذ يبعد غاية البعد اجتماع مثل هذه الإجماعات على التخيير مع هذا الاختلاف الفاحش الكثير.
ويؤيّده تصريح المحدّث المنصف (١) بأنّ التخيير المجمع عليه في الأخيرتين مخصوصٌ بغير أخيرتي المأموم ، وإنّه من كلام جملةٍ من الأصحاب هو المفهوم. وإنْ صحّ الجمع بأنّ تلك الأقوال ليست على التخيير والتعيين ، بل بالنسبة إلى الراجحيّة والمرجوحيّة ، وإلى وجوب شيءٍ وعدمه.
وأما الصلاة المركّبة من الجهر والإخفات فيعلم حالها ممّا مرّ ، فأحوال الجهريّة واختلافاتها يجري في الركعتين الأُوليين ، وأحوال الإخفاتيّة وخلافها يجري في الأخيرتين.
وأما المسبوق ففي ( مجمع الأحكام ) : إنّ الأقوال فيه أربعة : وجوب الحمد وحدها في أُولاه إنْ كان مسبوقاً بركعتين ، وفي ثانيته إنْ كان مسبوقاً بركعة وهو للسيّد رحمهالله (٢) ، ووجوب الحمد والسورة معاً كذلك وهو للشيخ رحمهالله (٣) ، واستحباب القراءة من غير نصٍّ على السورة وهو لعلّامة ( المنتهى ) (٤) ، وتحريم القراءة وهو للصدوق رحمهالله ، والكراهة وهو للمعتبر. انتهى بمعناه.
وظاهره أنّ الأقوال خمسةٌ لا أربعة ، إلّا أنْ يجعل قول السيّد والشيخ واحداً باعتبار مغايرتهما للاستحباب والتحريم والكراهة. فأمّا ما عزاه للسيّد رحمهالله فهو صريح عبارته المنقولة عنه في ( المختلف ) ، قال فيه : ( قال السيّد المرتضى : لو فاتته ركعتان من الظهر أو العصر أو العشاء وجب أنْ يقرأ في الأخيرتين الفاتحة في نفسه ، وإذا سلّم
__________________
(١) الحدائق ٨ : ٤٢٢.
(٢) رسائل المرتضى ( المجموعة الثالثة ) : ٤١.
(٣) المبسوط ١ : ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٤) المنتهى ١ : ٣٨٤.