أخبار الصلاة خلف المخالف ، المتّفق على وجوب القراءة الحقيقيّة خلفه بلا مخالف ، مع أنّ سلب القراءة عنها يسقطها عن الصلاحيّة للقرينيّة وعن درجة الحجيّة ؛ لمخالفتها حينئذ كما في ( الرياض ) (١) إجماع الإماميّة.
وحيث ثبت انحصار الخلاف في الوجوب والاستحباب ، ووجوب السورتين معاً ، أو الحمد خاصّة ، وانتفى التحريم والكراهة ، فلا مناص عن قراءة السورتين مع إمكانهما ، وإلّا فالفاتحة ؛ لقاعدة الشغل الحاكمة بوجوب الفعل ، مضافاً إلى أنّ القدر المتيقّن من ضمان الإمام القراءة عن المأموم إنّما هو ما شاركه فيه في حال الائتمام ، فيبقى غيره على الأصل.
وبما ذكرنا تنتظم تلك الأخبار في سلك الالتئام ، وينجلي عن وجهها قَسْطل الإبهام.
ومن العجيب ما في ( مجمع الأحكام ) من جمعه بين تربيع الأقوال ، أو تخميسها بالتحريم والكراهة واعترافه بعدم ما يدل عليه من أخبار الباب وبين الحكم بوجوب القراءة محتجّاً ب : ( توقّف يقين البراءة عليه ، وتحصيله واجبٌ ، فلا يعدل عنه إلى مشكوكٍ فيه ؛ لأنّ صحّة الصلاة بالقراءة مجزومٌ به ، وصحّتها بالتسبيح فيه احتمال اختصاص الأدلّة الدالّة على سقوط القراءة عن المأموم وتحريمها وكراهتها بغير محلّ النزاع ) انتهى.
ولا يخفى ما فيه على ذي نُهى ؛ إذ مع إثباته تحريم القراءة يكون من قبيل الدوران بين الشرطيّة والمانعيّة ، ويسقط التزام الوجوب بالكلّيّة ، اللهمّ إلّا أنْ يجاب عنه بأنّ نفيه الدليل على عدم التحريم والكراهة من الأخبار يسقطهما عن درجة الاعتبار ، لكن نقله القول عمّن لا يعمل إلّا بها مع إشارته لمّا يدل عليه منها يسقط هذا الاعتذار.
وأمّا لو دار الأمر لضيق الوقت عن إكمال الفاتحة لعدم إمهال الإمام بين إكمالها
__________________
(١) رياض المسائل ٣ : ٧٦.