حكم بصحّة الصلاة مع تخلّل الحدث بينها وبين الصلاة الأصليّة ؛ إذ لا يلزم مساواة البدل للمبدل منه مطلقاً على القول بالبدليّة.
وهذا ولله الحمد ظاهر لكل ذي رويّة ، إلّا إنَّ كاشف الغطاء (١) بعد أنْ استحبّ الجهر بها فيها احتاط بتركه ، وتبعه بعض مشايخنا المعاصرين ، ولعلّه للشكّ في شمول الإطلاق وقاعدة الشغل ، والله العالم والعاصم.
وهو مختار القاضي ابن البراج (٢) ظاهراً ، كما نقله عنه جملةٌ من الفضلاء كالعلّامة (٣) والشهيدين (٤) ، واختاره المحقّق السري الشيخ حسين بن الشيخ مفلح الصيمري نصّا. ومن متأخّري المحدّثين الشيخ حسن بن الشيخ حسين العصفوري في ( رسالة الصلاة ) ، ونسبه ثاني الشهيدين في شرح نفليّة أوّلهما لبعض الأصحاب ، وربّما استظهر من كلام الصدوق رحمهالله ، حيث قال في المجلس الثالث والتسعين ، الذي عقده لوصف دين الإماميّة : ( ويجب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ) (٥). وربّما حمل عليه قوله في ( الفقيه ) : ( واجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات ) (٦) ، بتقريب أنّ المراد منه الوجوب ؛ لكثرة إرادة القدماء من الأمر الوجوب ، ولكن سيأتي في المبحث الثاني ما يقتضي صرفه عن ظاهره.
وإنّما نسبنا مختار القاضي إلى الظاهر ؛ لأنّ جمعاً من الفضلاء إنّما قالوا : إنّه أوجب الجهر بها في ما يخافت فيه وأطلق ، إلّا أنّ جمعاً أيضاً نقلوا عنه التصريح بالتعميم في الأُوليين والأخيرتين ، كالمحدّث السري السيّد نعمة الله الجزائري ، وسبطه الفاضل الأوّاه السيّد عبد الله في المسألة الرابعة عشرة من أجوبة المسائل الجبليّة الثانية ؛ وشيخنا المرتضى أعلى الله مقامه في ما كتبه على بحث القراءة من إرشاد العلّامة (٧) ، حيث إنّه بعد أن ضعّف قول ابن إدريس (٨) ونسبه للشذوذ كقول ابن
__________________
(١) كشف الغطاء : ٢٨٦. (٢) المهذّب ١ : ٩٧.
(٣) المختلف ٢ : ١٥٤. (٤) الأمالي ( الصدوق ) : ٥١١.
(٥) الأمالي ( الصدوق ) : ٥١١. (٦) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ذيل الحديث ٩٢٣.
(٧) إرشاد الأذهان ١ : ٢٥٣. (٨) السرائر ١ : ٢١٨.