ويؤيّده : استدلال جمعٍ من أفاضل المحقّقين ممّن أمن عثارهم في التحقيق ، ولم يشق غبارهم في التدقيق ، كالسيّد السند (١) ، وبهاء الملّة والدين (٢) ، وغيرهما بهذا الخبر المأثور على القول المشهور ، وإلى الله تصير الأُمور.
لكنّه إنّما يتمّ على ما اعتمدوه من الاقتصار على رواية ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) ، ولكن قد رواه المجلسي في مزار ( البحار ) عن مؤلّف ( المزار الكبير ) ومزار الشهيد ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، قال : ( صلّى بنا أبو عبد الله عليهالسلام في مسجد بني كاهل الفجر ، فجهر في السورتين ، وقنت قبل الركوع ، وسلم واحدةً تجاه القبلة ) (٣). انتهى.
وهو صريحٌ في كون تلك الصلاة ثنائيّةً ، ووقوع الجهر بها في كلتا السورتين بكلٍّ من الركعتين.
٥ ـ ومنها : ما رواه المحدّث الماهر المجلسي في ( البحار ) ، والمحدّث المحسن الكاشاني في ( الصافي ) في تفسير قوله تعالى ( وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) (٤) ، نقلاً من تفسير الثقة الجليل محمّد بن عمر بن مسعود العيّاشي صحيحاً عن منصور بن حازم ، عن الصادق عليهالسلام : « إنّه كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى بالناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، فيتخلّف مَنْ خلفه من المنافقين عن الصفوف ، فإذا جاوزها في السورة عادوا إلى مواضعهم ، وقال بعضهم لبعض : إنّه ليردّد اسم ربّه ترداداً ، إنّه ليحب ربّه » (٥) .. إلى آخره.
أقول : لا يخفى على ذي لبٍّ خَلِي من الريب والرين ما دلّ عليه هذا الخبر الشريف من عموم الجهر بها في الأخيرتين ، كما يدلّ عليه إطلاق الخبرين الآتيين وغيرهما من أخبار سادات الثقلين.
لا يقال : إنّ الخبر ظاهرٌ في الأُوليين ؛ لاشتماله على ذكر السورة ، وهي لا تكون في قراءة الأخيرتين.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٥٩.
(٢) الحبل المتين : ٢٢٨.
(٣) البحار ٩٧ : ٤٥٣ / ٢٧.
(٤) الإسراء : ٤٦.
(٥) البحار ٨٢ : ٧٤ ، التفسير الصافي ٣ : ١٩٦ / ٤٦ ، تفسير العيّاشي ٢ : ٣١٨ / ٨٧.