عليه أنّه إذا صلّى بالناس جهر بها ، فيدلّ على أنّه إذا قرأ جهر بها على جهة العموم.
ويؤيّد ما قلناه من أنّ المراد بالسورة هنا الفاتحة أمران :
الأوّل : عدم ذكر الفاتحة بالكلّيّة ، كما لا يخفى على ذي ملكة قدسيّة ، وعناية ربانيّة ، مع أنّه لا صلاة إلّا بها ، كما نطقت به الأخبار المعصوميّة (١).
الثاني : ما في صحيح زرارة الآتي ، من قوله فيه : « وإذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم نفروا وذهبوا ، فإذا فرغ منها عادوا واستمعوا » (٢).
٦ ـ ومنها : ما رواه المحدّثان المذكوران في الكتابين المزبورين ، نقلاً من تفسير الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمّي ، أنّه قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا صلّى تهجّد ، وتسمع له قريش لحسن صوته ، فكان إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرّوا عنه » (٣).
أقول : لا يخفى على المتفنّن الماهر ما في هذا الخبر كسابقه من العموم الظاهر ، والتقريب فيه من وجهين :
الأوّل : إنّ قوله : « فكان إذا قرأ » .. إلى آخره ، إخبارٌ عن السماع ، وليس المراد من الجهر إلّا إسماع الغير ، إذ لو أسرّ بها لم يعلم أنّه قرأها أوّلاً.
الثاني : إنّ فرارهم عند قراءتها دليلٌ على الجهر بها ، إذ لو لم يجهر بها لم يفرّوا عنه.
فإنْ قيل : إنّ أخبار جهر النبيّ صلىاللهعليهوآله بها في هذا وغيره من الأخبار لا دلالة فيها على الجهر بها في الأخيرتين ؛ لاحتمال كون صلاته ثنائيّة ، بقرينة كونه في مكّة قبل فرضه الزيادة على الركعتين.
قلنا : لو سلّم ذلك فخصوص المورد لا يخصّص الوارد ، فهذا الإيراد غير وارد.
٧ ـ ومنها : ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره ، بأسانيد متعدّدة ، عن عمر بن أُذينة ، عن الصادق عليهالسلام ، أنّه قال « بسم الله الرحمن الرحيم أحقّ ما يجهر بها ، وهي الآية
__________________
(١) انظر : الوسائل ٦ : ٣٧ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ١.
(٢) تفسير العيّاشي ٢ : ٣١٨ / ٨٦.
(٣) التفسير الصافي ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦ / ٤٦ ، البحار ١٨ : ٥١ / ٢ ، تفسير القمّي ٢ : ٢٠.