وأمّا النهي عن الصلاة خلف المأبون بالمعنى الذي ذكروه ، الشامل للعيب الخُلُقي والخَلْقي فموضع إشكال ، سيّما مع حمل النهي على المعنى الحقيقي ، والشمول لمطلق العيب ، إذ السلامة من سائر العيوب الخُلُقيّة والخَلْقيّة لا تحصل إلّا للعترة المعصومة ، أو الأوحديّ من الشيعة الاثني عشريّة.
ومَنْ ذا الذي تُرضى سجاياهُ كلُّها |
|
كفى المرءَ نُبْلاً أنْ تُعدَّ معايبُه (١) |
اللهمَّ إلّا أنْ يحمل النهي على المعنى المجازي ، فيوافقه عموم كلامَي شيخ ( التهذيب ) وسيّد ( المدارك ). قال الشيخ قدسسره : ( ينبغي أن يكون الإمام مبرّءاً من سائر العاهات ، وهذا على الاستحباب ) (٢) .. إلى آخره. وقال السيِّد قدسسره : « وكذا الكلام في جميع المراتب ، لا يؤمُّ الناقص فيها الكامل ) (٣). انتهى.
أو يحملُ النهي على العيوب المنافية للعدالة ، أو النهي عن الاقتداء بالمبتلى بها على الخصوص ، كالجذام والبرص الخَلْقِيّين أو الحادثين ، وغيرهما.
ويحتمل احتمالاً راجحاً ، بل هو الأظهر أنْ يكون المرادُ بالمأبون : مَن به داء الأُبْنَةِ ، وهي الغدّة التي تكون في أدبار بعض الأشخاص ، كما رواه الشيخ في ( التهذيب ) عن علي عليهالسلام ، قال : « إنّ لله عباداً لهم في أصلابهم أرحامٌ كأرحام النساء ». قال : فمالهم لا يحملون منها؟ قال : « لأنّها منكوسة ، ولهم في أدبارهم غدّة كغدّة البعير ، فإذا هاجت هاجوا ، وإذا سكنت سكنوا » (٤). انتهى.
وهي الآفة التي في الثاني ، كما اعترف به شيعته ، قال السيوطي في تعاليقه على القاموس نقلاً عنه عند تصحيح لغة الأبنة : ( وكانت في جماعة في زمن الجاهليّة ، أحدهم سيّدنا عمر ). وقال ابن الأثير أيضاً : ( زعمت الروافض أنّ سيّدنا عمر كان
__________________
(١) جمهرة الأمثال ٢ : ٢٢٦ / ١٩٢١ ، من غير نسبة لأحدٍ.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٦ / ذيل الحديث ٩١ ، بتفاوتٍ يسيرٍ.
(٣) مدارك الأحكام ٤ : ٣٤٩.
(٤) التهذيب ١٠ : ٥٢ ـ ٥٣ / ١٩٥ ، الوسائل ٢٠ : ٣٣٥ ، أبواب النكاح المحرّم ، ب ٨ ، ح ٤.